YOUTUBE
Twitter
Facebook

فضلو خوري وفيليب خوري ومحمد حراجلي مع المكرمين ادجاني وفخرو وحلو وكوه وشفيق

احتفلت الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) بتخريج 524 طالباً من حاملي شهادات الطب والدكتوراه والدراسات العليا،

ومنحت الجامعة خلال الاحتفال الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني، والطبيب والكاتب والمفكر السياسي علي فخرو، وعالم الفيزياء الفلكية جورج حلو، وواضع سياسات الصحة العامة والطبيب ھوارد كوه، والباحثة والخبيرة الاقتصادية نعمت شفيق شهادة الدكتوراه الفخرية في الإنسانيات نظراً لإنجازاتهم الدولية كل في مجال عمله.

حضر الاحتفال وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب الدكتور فادي علامة ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير الثقافة الدكتور غطاس خوري ممثلاً رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، بالإضافة إلى أعضاء مجلس الأمناء في الجامعة وأهل الطلاب وعائلاتهم وبعض من أهل الإعلام ومهتمين.

بعد دخول موكب الخريجين وموكب رئيس الجامعة ووكيل الشؤون الأكاديمية والعمداء وأعضاء مجلس الأمناء بالأثواب الإحتفالية استهل الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني وافتح رسمياً ليتكلم بعد ذلك رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري.

كلمة خوري:

وتحدث رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري، وقال: أصحاب المعالي والسعادة، سيداتي وسادتي، أمناء، عمداء، أعضاء هيئة التعليم، الموظفون، أولياء الأمور، العائلات، وعلى الأخص متخرجو العام 2018 من الجامعة الأميركية في بيروت، مرحبا بكم في تخرّجكم.

اليوم هو يومكم، يوم ستتشاركون فيه إلى الأبد مع جميع خرّيجينا، بمن فيهم المميّزون الخمسة المكرّمون الذين أغنوا العالم من خلال إنجازاتهم الباقية، في السينما والمسرح والأعمال المصرفية والصحة العامة والحياة العامة والعلوم وعلم الفلك، والذين هم أيضا زملاؤكم الخرّيجون. كل واحدو منا، على المنصة أو في الحضور، لديه قصته الفريدة الخاصة به، والإطار المرجعي العائد له.

تابع: نحن جميعاً لدينا تفضيلاتنا. منذ شهرين، كنت أقرأ في إحدى الصحف المفضلة لدي منذ الطفولة، الغارديان، عموداً من تأليف جوناثان فريدلاند، الذي أستمتعُ بكتاباته. وفي عموده، أبدى الكاتب حزنه لما أسماه “التجاهل العشوائي للحقائق القابلة للتحقق منها” وهو ما يبدو شائعاً اليوم في الخطاب العام على المستوى الوطني والدولي. وقد استشهد فريدمان بظاهرة يطلق عليها “نظرية المعرفة القبلية” حيث يتم تقييم المعلومات ليس بناءً على الأدلة، بل بناءً على ما إذا كانت تدعم نظرتك عن لعالم، وما إذا كان قادتك، أو قادة أعدائك، قد تلفّظوا بها. ونتيجة لذلك، يقلق فريدلاند لأن الانقسام الكبير في عصرنا قد لا يكون بين اليسار واليمين، أو الشمال أو الجنوب، بل قد يكون أكثر جوهرية: بين الصواب والخطأ.

أضاف: خلال القرن العشرين، قامت الولايات المتحدة ببناء أعظم كيان بحثي في العالم عبر تحوّلها إلى ملاذ لأفضل علماء وسط أوروبا وآسيا، والناس الذين هاجروا من أجل إيجاد مستقبل أفضل، لضمان سلامة أسرهم وحرمة علمهم.

لبنان، من ناحية أخرى، حقق إنجازًا شبه عجائبي. لقد قام بتصدير أفضل وألمع مواهبه طوال أكثر من قرن، ومع ذلك بقي قادراً على المنافسة مع مستوى أكثر الدول تطوراً حتى بدايات السبعينيات عندما اندلعت الحرب الأهلية. لكن رغم كل هذه التحديات، بدأت هذه الدولة الصغيرة وبعض الدول الأخرى في العالم العربي تُظهر بعض علامات التقدّم الحقيقي، في المعرفة والأدب والتكنولوجيا وتمكين الأفراد. يحق لهذا الوطن أن يفتخر بشكل خاص بحمايته لحرية التعبير والمعارضة. توم وولف، الكاتب الأميركي والصحفي الذي توفي الشهر الماضي، قد يكزن فكّر بلبنان عندما كتب: “إن إحدى الحريات القليلة التي نمتلكها كبشر والتي لا يمكن أن تؤخذ منا هي حرية الموافقة على ما هو صحيح وإنكار ما هو زائف. لا شيء يمكن أن تعطيه لي يستحق التنازل عن هذه الحرية“.

أردف: مؤخّراً، اختتمنا أحد أروع مؤتمراتنا الطبية في الشرق الأوسط، المؤتمر التاسع والأربعين، والتي ركزت على أهمية الصحة العقلية على مدى العمر. كان مُلفتاً بشكل خاص تبيان أهمية النوم السليم للصحة العقلية. وهكذا فيما تحدّث فروست بشكل مجازي عن النوم، فأنا أشجّعكم على تطوير عادات أفضل بكثير من الحصول على القسط المطلوب من الراحة. ادركوا أن الحياة عبارة عن سباق ماراثون وليس عَدْواً قصيراً، حتى بالنسبة لكم، يا أفضل وألمع طلاب الجامعة الأميركية في بيروت.

ختم: هنيئاً لكم يا متخرّجي العام 2018 من الجامعة الأميركية في بيروت! انطلقوا لتغيير العالم إلى الأفضل.

كلمة الخرجين:

ثم كانت كلمة الخريجين القتها باسمهم الطالبة غرايس الحكيم من كلية رفيق الحريري للتمريض التي قالت: إنها لحظة حلوة ومرّة. ويبدو أن السنوات القليلة من الليالي من دون نوم قد مرت بسرعة وبمرح. وعلى الرغم من أننا نتحرك أخيراً نحو هدفنا التالي،  إلا أنه من الصعب ترك هذه البوتقة القيمة للنمو الشخصي والفكري.

أضافت: في الواقع ساعدت الجامعة الأميركية في بيروت كل واحد منا في تكوين قِيَم ذات مغزى ومبادئ مؤثرة في مجتمعنا. بالنسبة للكثيرين منا، بدأنا الدراسة عندما كانت كلية رفيق الحريري التمريض في الجامعة الأميركية في بيروت ترعرع مهارات التمريض لدينا. وقالوا لنا أنه لإطلاق واستدامة مهنة في التمريض بنجاح، نحن بحاجة لإظهار التعاطف مع مرضانا ، والالتزام برفاهيتهم، والحفاظ على السلوك الأخلاقي، والانتباه إلى التفاصيل، وشحذ عقلنا الإكلينيكي لدعم اتخاذنا القرار.

تابعت: علينا أن نستمر في التوق للفرص المحتملة التي لها تأثير ملموس على مهنتنا، وفي الإمساك بهذه الفرص. عندما حضرت الصف الدراسي الأولى في برنامج الدراسات العليا، أدركت أن السعي للحصول على درجة الماجستير أثناء العمل سيواجه بلا شك عقبات. وسرعان ما بدأت المواعيد النهائية تتراكم، وكذلك فعلت البنود المدرجة في قائمة الحياة الشخصية والمهنية. ومع ذلك، شجعني خزّان الفرص المتيسّرة في الجامعة الأميركية في بيروت على زيادة الإنتاجية، والأهم من ذلك، ساهم في تطوّري في جميع جوانب حياتي. ولهذا، أنا شاكرة إلى الأبد.

ختمت: زملائي المتخرجون، كلٌّ منا لديه هدف متميز في فكره. بعد سنوات من المشقة، يبدو أننا نقترب من هذا الهدف. جيد جداً! ومع ذلك، يجب أن نلتزم بهدف مشترك بيننا: خدمة وطننا. حين تنصهر خلفياتنا المختلفة مع القيم التي غرستها الجامعة الأميركية في بيروت فينا، سنتمكّن من تقديم مساهمات فريدة لمجتمعنا في لبنان.

الدكتوراه الفخرية:

وأعلن الدكتور فضلو خوري بموجب الصلاحيات الممنوحة له من قبل مجلس أمناء الجامعة، منح كل من الممثلة الفرنسية إيزابيل أدجاني، والطبيب والكاتب والمفكر السياسي علي فخرو، وعالم الفيزياء الفلكية جورج حلو، وواضع سياسات الصحة العامة والطبيب ھوارد كوه، والباحثة والخبيرة الاقتصادية نعمت شفيق الدكتوراه الفخرية في الإنسانيات وتم تسليمهم الشهادة وخلعت عليهم عباءة الشرف من قبل وكيل الشؤون الاكاديمية الدكتور محمد حراجلي.

علي فخرو:

وقال فخرو في خطاب الشكر: شكراً جزيلاً على كلماتك، سيدي الرئيس، التي اعتزُ بها كثيراً، والشكر موصول لجامعتنا الحبيبة المتميًّزة. وشهادة الدكتوراه الفخرية التي استلمها اليوم هي ألق محفًّز لي، وهي تكريم لبلادي، مملكة البحرين.

تابع: أقولها بكل صدق بأن كل ما آمنت به وما جاهدت أن أحققًّه كانت وراءه قيماً والتزامات أخلاقية إنسانية غرستها فينا مناهج الجامعة اللبرالية المنفتحة على كل الثقافات وكل روائع الفكر، وعلًّمنا إياها جيل مبهر عقلاني محاور متسامح من أساتذتها الأجلًاء.

أضاف: هنا تعلمنا الالتزام المسؤول بقضايا وطننا العربي، وهنا تعلًمنا فضيلة التسامح والعيش بسلام مع الآخر، وهنا إنغرس فينا حبُ المعرفة والحقيقة والدفاع عن العدالة.

وقال: القومية تموت، والوطنية تموت، والإنسانية تموت ليحلً محلًها جميعها الصعود المذهل لسطوة وهيمنة مؤسسات المال العولميه والشركات العابرة للقارات وثرثرات التواصل الاجتماعي. وفي القريب المنظور سيحلُ الذكاء الإصطناعي محلً الإنسان لتبدأ مرحلة ظلام مليئة بالأشباح والمخاطر لمسيرة الإنسان التاريخية الطويلة.

ختم: إذا كنت أعرف جامعتي فان الجواب هو ” نعم “، فارادة وإبداع هذه الجامعة المتجذًر في تاريخها الطويل كفيل بأن يحقًق ذلك.

حفظ الله جامعتنا وشمل ببركاته الربانية كل العاملين فيها والدًارسين في صفوفها.

ھوارد كوه:

وقال كوه في خطاب الشكر: خلال مسيرتي المهنية، كان لي شرف لقاء العديد من المهنيين المفتخرين بتخرّجهم من الجامعة الأميركية في بيروت. بعضهم كانوا لي أقرب المُرشدين والمعلّمين والزملاء والأصدقاء. لم يكونوا أذكياء فقط؛ كانوا ملمّين بأمور العالم وحكماء. كطبيب، وجدتُ أن زملائي محترفو الصحة من الجامعة الأميركية في بيروت احتلوا دائماً أعلى المراتب في مجال اختصاصنا. العديدون منهم حقّقوا الكثير ليصبحوا معالجين نُخبويين، على الرغم من تحملّهم لتضحيات كبيرة. بعد فترة، أدركت أن اسم “الجامعة الأميركية في بيروت” مرادف لصفات الممتاز والعالمي المستوى. وجدت نفسي متشوقاً لمعرفة المزيد عن التاريخ النبيل والقيم الراسخة لهذه الجامعة المذهلة. علاوة على ذلك، ومن خلال زوجتي اللبنانية الحبيبة، الدكتورة كلوديا أريغ، صرت أعتز بالثقافة اللبنانية، وهي ثقافة نتشارك بها الآن مع أولادنا الثلاثة بفخر.

ختم: لذلك، اليوم، أشعر باعتزاز لا تصفه الكلمات لحصولي على هذه الدكتوراه الفخرية من الرئيس الدكتور فضلو خوري، وهو رائد طبي محترم للغاية ومثارٌ للإعجاب، هنا وفي الولايات المتحدة. إن التزامك بالخدمة كمنارة تضيء العالم هو التزامٌ يُلهمنا جميعاً. كلوديا وأنا ممتنون جداً لكرم الضيافة والدفء والكرم. الجامعة الأميركية في بيروت سوف تعيش إلى الأبد في قلوبنا. شكرا لكم.

نعمت شفيق:

وقالت شفيق في خطاب الشكر: شرفٌ عظيمٌ لي أن أقبل هذه الشهادة من الجامعة الأميركية في بيروت. حتى عندما أحاط بها الجهل والصراع والتفرقة، برزت الجامعة الأميركية في بيروت كشعلة لشيء مختلف – شعلة للتعليم والمرونة والتسامح.

أضافت: أنا وُلدتُ في الإسكندرية، وهي، مثل بيروت، مدينة تتربّع على البحر الأبيض المتوسط ولديها تاريخ في التجارة والانفتاح للناس من جميع أنحاء العالم. عائلتي غادرت الإسكندرية بعد الثورة والتأميمات التي تلتها في مصر واضطرت إلى البدء من جديد في بلد جديد.

عندما نشأت ، كان والدي يقول لنا دائماً: ‘يمكنهم أخذ كل شيء منك ، لكنهم لا يستطيعون سلب دماغك’. بالنسبة له ، كان التعليم هو ما أنقذنا وأهم رصيد لنا في الحياة.

تابعت: هذه التجربة، إلى جانب الالتزام بنشر الفرص لأولئك الأقل حظًا مني، شكّلت تاريخي الشخصي ومسيرتي المهنية، خلال مدتي في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والخدمة المدنية البريطانية، وحالياً  في معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. ومثل الجامعة الأميركية في بيروت، المعهد جامعة أُنشأت بهدف اجتماعي.

ختمت: فرح حقيقي لي أن أنضم في الجامعة الأميركية في بيروت إلى أُسرة من العلماء والطلاب والموظفين والخريجين المتميزين الذين يتشاركون في الالتزام بهذه المثل العليا.

جورج حلو:

وقال حلو في كلمته الرئيسية: أعزائي الخريجين ، مبروك! انتم الآن الامل. أنتم أمل عائلاتكم ومجتمعكم. أنتم أمل مهنتكم، وأمل العالم بأسره. أنتم تمثّلون طليعة التنوير. ووفقًا لرأي أبطال التنوير من رينيه ديكارت إلى ستيفن بينكر، أنتم تمثلون جسرنا الوحيد إلى مستقبل مشرق.

لقد عملتم بجد وأنجزتم أشياء عظيمة. لديكم كل الذكاء والمثابرة وفائض من القدرة على الريادة. ما هي النصيحة التي يمكن أن أعطيها والتي قد تكون مفيدة لكم؟ يمكنني ان اقول لكم اتبعوا شغفكم بفرح ومتعة. أو ابقوا نهمين للأفكار والفرص الجديدة؛ أو خُذوا عملكم على محمل الجد ولكن لا تأخذوا نفسكم على محمل الجد كثيراً. ولكنك تعرفون كل ذلك بالفعل، ولذا وصلتم إلى هنا.

تابع: وهكذا، بدلاً من تقديم النصيحة، دعوني أدعوكم للتفكير معي في سؤال هو من نطاق الخيال العلمي، ومع ذلك يمكن عزوه إلى كتابات إبيقور في اليونان القديمة. وقد ضجّ الاهتمام القوي بهذا السؤال بعد الاكتشافات الفيزيائية الفلكية في السنوات العشر المنصرمة. السؤال بسيط بشكل مدهش ولكنه جدّي للغاية: هل نحن وحدنا في الكون؟ دعوني أخبركم أولاً عن اكتشافاتنا الفضائية الأخيرة. خلال العقد الماضي وجدنا وقمنا بقياس الآلاف من الكواكب خارج المجموعة الشمسية والتي تدور حول النجوم البعيدة، بما في ذلك مئات من الكواكب التي تشبه الأرض. وقد تم العثور على معظم هذه الكواكب الخارجية عن طريق مسح قطاع صغير من السماء باستخدام مرصد كبلر التابع لوكالة ناسا، وقد تم ادراك الكثير عن طبيعتها من خلال الدراسات باستخدام تلسكوب مركز سبيتزر الفضائي التابع لناسا أيضاً. من هذه الاكتشافات نستنتج أن مجرّتنا، درب التبانة، تحتوي على عشرات الملايين من الكواكب الشبيهة بالأرض وعليها ظروف مناخية معتدلة. هي كواكب حيث يمكن للمياه أن تمطر على التربة والصخور، وحيث يمكن للأمواج أن تتكسّر على شواطئ رملية؛ إنها كواكب تملك غلافاً جوّياً وحقولاً مغناطيسية. مثل هذه الكواكب ستكون موئلاً ملائماً لحياةٍ لا تختلف عن الحياة على كوكب الأرض. عشرات الملايين من الكواكب الشبيهة بالأرض ذات درجات الحرارة الشبيهة بالحرارة على الأرض، والكثير منها فيه مياه ولديه غلاف جوي.

أضاف: إذا تواجدت الحياة ولو على نسبة ضئيلة من بين هذه الكواكب الخارجية، وإذا تطورت الحياة إلى حياة واعية في نسبة صغيرة فقط من هذه النسبة، وحتى إذا ما سعت الكائنات الواعية للتقدم التكنولوجي بشكل متردد، فإننا لا نزال نتوقع أن تقوم آلاف الحضارات المتقدمة تكنولوجياً والتي تسكن مجرتنا بالتواصل فيما بينها على الأرجح وربما السفر بين أنظمة الكواكب المختلفة. يعرف هذا التقدير باسم معادلة درايك. وهي تعني ضمناً أن نوعاً من الاتصال بين الإنسانية وهذه الحضارات هو محتمل جداً، لكنه لم يحدث بعد. وهكذا يطرح السؤال نفسه أين هم؟ دعوني أعطيكم بعضًا من تاريخي الشخصي إزاء هذا السؤال. أشعر أنني محظوظ لأنني نشأت في لبنان، في مجتمع يثمّن التعليم، ووفّر لي إمكانية الوصول إلى الكتب والأفكار. قرأت بنهم في المدرسة الثانوية وكنت مشدوهاً بهذا السؤال عندما برز. فكرت به وناقشته وأنا أتجول في هذا الحرم الجامعي كطالب جامعي. الفيزياء الفلكية حينها بدت حلماً بعيد المنال لي، ولكن الجامعة الأميركية في بيروت كانت البيئة المثالية لهذه المناقشات، ومنصة انطلاق مثالية لمساري المهني. وخلال تحصيلي على الدراسات العليا في جامعة كورنل ، برز السؤال مجدداً عندما ساعدت في تشكيل لوحة السجل الذهبي لقصة كوكب الأرض وهي لوحة لا تزال منطلقة اليوم في المجرة على متن المركبة الفضائية فواياجر. وحتى حينها، أدركت أن خلفيتي المتعددة الثقافات كانت مصدرًا هائلًا للتفكير في التواصل بين النجوم، واختصار قصة كوكب الأرض على لوحة سجل ذهبي.  الجامعة الأميركية في بيروت بالفعل كانت منصة الانطلاق المثالية لي، وبوتقة اندماج فكرية في لبنان متعدد الثقافات. وكل الأدلة تشير إلي أن الجامعة الأمريكية في بيروت هي منصة إطلاق فريدة من نوعها، وآمل أن تخبروها بأنفسكم. المسألة الكونية (هل نحن وحدنا في الكون؟) بقيت مسعى ثانوياً بالنسبة لي وأنا أدرس المجرات وعلوم الكونيات وأقوم بمسح الكون باقتفاء الأشعة ما دون الحمراء فيه.

تابع: الآن قد تتساءلون: كيف يمكننا المساعدة في التفكير في هذا السؤال الكوني؟ حسنًا، يمكن لعلماء الأحياء وعلماء الطب من بينكم أن يخبرونا بمدى احتمالية ظهور الحياة في بيئات شبيهة بالأرض خلال مليار عام. ومدى احتمالية نجاح التطور في تعزيز الذكاء.

يمكن أن يخبرنا الكيميائيون والفيزيائيون والجيولوجيون عن مدى احتمالية بقاء بيئة الأرض مناسبة للحياة طوال مدة عمر النجمة المعتاد.

في المقابل، ما مدى احتمالية أن تكون الأرض مجرد ضربة حظ؟ يمكن للمعلمين والمؤرخين وعلماء الاجتماع أن يخبرونا بمدى احتمال انتقال مجتمع ذكي نحو التنوير والتطور العقلاني والتكنولوجيا.

ومدى احتمالية استدامة حضارة ناضجة تتمتع بالفضول وحب الاستكشاف عبر آلاف الأجيال.

يمكن لخريجي ادارة الأعمال أن يكتشفوا المحركات الاجتماعية على نطاق كوكب يسبح في الفضاء الفسيح.

يمكن لطلاب الزراعة أن يخبرونا ما الحدود القصوى لإنتاج الغذاء للحضارات المتقدمة.

يمكن للمهندسين والمعماريين أن يخبرونا كيف يمكن لحضارات متقدمة ومع موارد هائلة أن تغيّر بيئتها لضمان استمرار الاستقرار على المدى الطويل. وكيف يتموّهون إذا أرادوا الاختباء والانزواء.

يمكن أن يخبرنا اختصاصيو الأدب والاتصال بكيفية التواصل مع صنف ما حين لا نعرف شيئًا عن تاريخه أو فكره أو روحانيته.

أردف: لقد بدأت محاضرتي بوعدكم بعدم تقديم أي نصيحة اليوم، ولكني غيرت رأيي؛ إليكم نصيحتي: من حين لآخر، اعثروا على قطعة من سماء ليل مظلمة وانظروا إلى النجوم. دعوا عينيكم تتكيفان مع الظلام واتركوا النجوم المتلألئة تجذبكم إلى الكون. وحين تنظرون، قد ترى عيناكم بضع مئات من النجوم، لكنها ستشرب الضوء غير المُبان لملايين المجرات والنجوم والكواكب الخارجية. ستأخذ الضوء من السُدُم، والمستعر الأعظم (سوبر نوفا)، والثقوب السوداء، ومجموعة من الظواهر الغريبة والرائعة التي تجوب الكون. وقد تلتقط أعينكم إشارات خافتة من حضارة بعيدة.

ختم: والسؤال الكوني هو تعبير كبير عن وجود الإنسان في صميم الفيزياء الفلكية.

نحن لسنا مواطني الكون فحسب، بل نحن جزءٌ لا ينفصل عنه. الإجابة على السؤال هل نحن وحدنا في الكون؟ سوف تكشف عن أنفسنا أكثر مما ستكشفه عن الآخرين.

الشهادات:

وسلم الدكتور فضلو خوري والعمداء بعد ذلك الخريجين شهادتهم وبلغ عددهم 524 يتوزعون على الشكل التالي:

في الطب 100

الماستر 411

الدكتوراه 13

وكرر الخريجون تلاوة خطاب القسم الخاص بإختصاصهم، وختم الإحتفال بنشيد الجامعة وأداء خاص مباشر ورمي القبعات في الفضاء إبتهاجاً.

اقرأ الآن