YOUTUBE
Twitter
Facebook

1a

غالبًا ما يتهم الصحافي بانحيازه الى كاتبٍ معين أو فنان أو مخرجٍ، لكنني شخصيًا منحازة الى كل عملٍ عناصره متكاملة، أنحاز الى الكاتب الذي تقارب مخيلته الواقع، وأنحاز الى الممثل الذي تكاد تعتقد أنه لا يمثل، وأنحاز الى المخرج الذي يحترم ذكاء المشاهد. لذا، فإذا كان لا بد من هذه التهمة، فأنا منحازة في هذه الفترة الى العمل الذي أرى فيه كل مقومات النجاح مسلسل: “وين كنتي”.
1

صحيح أن الكاتب قد يستنجد بنصوص من غير عالمنا او يقتبس روايات لا تشبهنا او يستوحي من أفلامٍ أميركية او فرنسية او لاتينية، ليجعل منها مسلسلًا تشبه بيئته ومجتمعه. الا أن مسلسل “وين كنتي” هو نقل لواقع مجتمعنا بكل تركيباته الطبقية، من الحي الفقير في ضاحية من ضواحي بيروت القديمة (كمنزل أهل نسرين) التي تلعب دورها ريتا حايك هذه الممثلة التي قال عنها المخرج سمير حبشي أنها ستكون الاولى في العالم العربي. الى الطبقة الثرية والمجتمع الراقي الذي لا يخلو من المشاكل التي توازي أو حتى تتفوق على مشاكل الفقراء من الامراض النفسية والعصبية والطمع بالعائلة من أجل المال، كما هي حال يوسف الصهر الذي يلعب دوره طوني عاد حيث تزوج “جينا” التي تعاني من أمراض عصبية التي أبدعت آن- ماري سلامه بتجسيد هذا الدور المركب وهي التي تردد دائماً أنها تحب لعب الادوار المركبة التي تتطلب جهدًا..
2
قد يتراءى للبعض أن مشاكل العائلات الفقيرة سهلة مقارنةً بغيرها من العائلات التي تعيش ازدواجية في المجتمع كعائلة جويل داغر التي تعرض مشكلة الوالد العاطل عن العمل وشقيقيها اللذين لا يستطيعان الارتباط. فمعاناة هذه العائلة فقط مادية الا أن بروز مشكلة جديدة تضاف الى مشاكلهم العادية، أي حجز شقيقها واتهامه بجريمة قتل صديقته التي أرادت هجره بسبب وضعه المادي. ستغيّر مجريات الاحداث.
6
عندما اجتمع الثلاثي الكاتبة كلوديا مارشليان والمنتج مروان حداد والمخرج سمير حبشي واتفقوا على انجاز هذا العمل أيقنوا على ضرورة انجاز الجزء الثاني منه، فنظراً لنجاحه وتصدره الاعمال التي تعرض في فترة رمضان، طالبت شاشة LBC بالجزء الثاني، فالحلقات المصورة التي يبلغ عددها 40 حلقة لن يكتفي بها المشاهد لا بل يريد المزيد، وقد أكد مخرج العمل أن الجزء الثاني سيكون أقوى بكثير نظرًا للاحداث غير المتوقعة والتي ستكون صادمة.
صحيح أن كل فريق العمل يدافع عن عمله، على الرغم من الاتهامات الموجهة الى نصوص كلوديا بأنها متأثرة بالمسلسلات المكسيكية والتركية وغيرها ، لكنها تبرع في تقريب العمل لا بل تذويبه في بيئة لبنانية. فالمناخ لبناني والقرية لبنانية والشارع لبناني وكل شخصية لبنانية، وسمير حبشي الذي ينتمي الى هذه البيئة ومتمسك بها برع في ايصال الرسالة الى المشاهد بكل أمانة ويشرف على مكان التصوير ليكون ملائمًا للاحداث. فهذا من استراتيجية العمل المتقن.
3

” أنا لا أبحث عن المال انما عن الحب

مشاهد الحب والغرام والشغف برع في تجسيدها الممثل نقولا دانيال وهو الرجل الذي يكبر زوجته بسنين عديدة، الا أن بملامحه التي تتكلم عرف جيداً كيف يمثل شغف رجل الستيني بزوجته الشابة، كذلك ريتا حايك بدورها اتقنت تمثيل دور الزوجة المغرمة بزوجها وهي التي تتحاشى ملاقاته قدر المستطاع من دون أن تجعله يتكهن أن مشاعرها تجيّرت الى ابنه، وايضا الحب المنطقي الذي يربط جاد أي كارلوس عازار بخطيبته “سيلا” أي جويل داغر، هذا الحب الطبيعي الموجود عادة بين كل ثنائي مقدم على الزواج عرفا أيضاً إقناع المشاهدين بعلاقتهما. كذلك العلاقة التي هي في طور الولادة بين “انطوانيت عقيقي و” الكوتش” الشاب أي نيكولا مزهر الذي سيخرجها من الوحدة التي كانت تعيشها في حياتها الروتينية اليومية على الرغم من النشاطات التي تقوم بها، وكل ذلك من خلال رؤية ونظرة المخرج الذي يهتم بأدق التفاصيل، ولا سيما في مشهد “الضرب والاغتصاب والقتل” الذي جسده كل من حبيبة شقيق سيلا وصديقه الذي تبيّن أنها قتلت نتيجة اصطدام رأسها بحافة الكنبة لم يغفل المخرج بوضع بعض من شعرها عليها، هذه التفاصيل التي قد يعتبرها البعض غير مهمة لأن المشاهد لن يلاحظها، الا أن المخرج الصادق لن يغفل عنها لا بل يصر عليها.
5
وايضاً “وين كنتي” كشف قدرات ممثلين لم نلاحظها في اعمالهم السابقة وأذكر على سبيل المثال كارلوس عازار الذي أظهر قدرات تمثيلية مقنعة لا سيما في المشهد الحواري بينه وبين والده في الحلقة الثانية، فالحوار الذي دار بين الاب والابن كان رائعاً، وكارلوس بدا متمكناً بكل تعابيره ليوازي تقنية عملاقٍ هو استاذ في مدرسة التمثيل نقولا دانيال.
samir
لكل مخرج توقيع خاص به، والمخرج سمير حبشي يوقع العمل الذي يقوم به دائماً باطلالة خاطفه له تكون من وحي الاحداث، وفي هذا العمل اختار أن يكون جاسوساً يلاحق معشوقة الزوج المخدوع، فنراه خارجاً من خلف حائط محاولاً إفهام المشاهد أنه يلاحق الزوجة التي تبدو طيبة مع زوجها الا انها تخونه وخيانتها كبيرة ومؤلمة.
باختصار مسلسل “وين كنتي” مليء بمشاعر مختلفة ومتناقضة، استطاع جذب المشاهد على الرغم من تذمر البعض من المشاهد الكئيبة التي يريد المواطن الابتعاد عنها ويطالب بأعمالٍ فيها ما يكفي من الترفيه للابتعاد ولو للحظات عن الوضع المأساوي الذي يتخبط فيه المواطن اللبناني.
تطورات عديدة بانتظار المشاهد، منها متوقعة ومنها صادمة وبخاصٍة بين الجميلتين نسرين وسيلا..
r-j.

سميرة اوشانا

اقرأ الآن