YOUTUBE
Twitter
Facebook

IMG_2277

“اتصل الاستاذ جورج ابراهيم الخوري يوماً بالفنان منصور الرحباني قائلاً له: هناك شخص من انطلياس يراسلني دائماً وانا انشر له مقالاته في “الشبكة”، أجابه انه جارنا الياس حداد. هكذا تحقق الحلم الذي كان يراودني وبدأت حكايتي مع الشبكة ومع النجوم، فكان جورج ابراهيم الخوري مدرستي في الصحافة. لكن بعد 47 عاماً من العمل المتواصل شعرت ان “الشبكة” زغرت عليي، ففضلت أن أترك، كنت عصفوراً صغيراً وكبرت لكن القفص الذهبي الذي كنت فيه بقي على حجمه. انا كبرت لكن ِ”الشبكة” ما كبرت معي، “الشبكة” بقيت كما هي”… هذا ما قاله الصحافي الذي حالفني الحظ بالتعرف عليه، هو الذي واكب أهم الفنانين في الزمن الجميل كما يسميه، لم أشأ أن ينتهي اللقاء سريعاً، اردت أن أغرف منه الكثير من الخبرة والمعرفة. تحدثنا عن المهنة وأسرارها، وعن الفنانين وقلة وفائهم، وعن الدراما التي لا يتابعها، وعن السياسة التي لا يحبها. ساعتان من الحوار الشيّق أختصرهما في هذه الصفحات.

scn0088

لماذا “انا والصحافة والنجوم” الآن؟
في هذا الكتاب أجمل ما كتبت عن 150 فنان واعلامي خلال 47 عاماً في المهنة، اول مقابلة أجريتها كانت مع فرقة أبو سليم في طرابلس. كانت تربطني علاقة شخصية مع أغلب الفنانين وكانت الزيارات متبادلة بيننا، ومن بينهم السيدة فيروز التي قمت بزيارتها برفقة بعض الزملاء، قابلناها من دون آلة تسجيل ولا كاميرا ولا حتى قلم وورقة بناءً على رغبتها. لكن بعد ساعتين من الحديث استأذنتها شخصياً لنشر ولو القليل من حديثنا معها فقالت لنا: “انتو وضميركم”، وبالطبع اخترنا ما يجب أن يقال، اما الامور الاخرى فاحتفظنا بها.
متى التحقت بالشبكة ولماذا تركتها؟
عملت في الشبكة منذ العام 1987 وحتى الـ2013 حين قدمت استقالتي. تركت لانني لم أعد أريد البقاء، أشبه الوضع بعصفور صغير في قفصٍ ذهبي، كبر العصفور ولكن القفص بقي على حجمه، ولذا، اردت الخروج منه. لم يعد هناك من يفهم علي، تصوري أن يأتوا بموظف طالع جديد من الاعلام ويريد أن يصحّح مقالاتي! أمضيت عمري في الصحافة ليأتٍ أحدهم ويلفت نظري الى موضوعٍ أو عنوان!؟ أكيد لم أعد أتقبل هذا الامر. الاستاذ جورج ابراهيم الخوري هو استاذي وانا لا أشرب من البئر وارمي به حجراً، ولا أنكر أنه هو الذي جعل مني صحافياً، كلمة منه كانت تجعل من الشخص فناناً وكلمة منه كانت تنزله تحت الارض، كان يعطي ألقاباً ولا يزال اصحابها يفتخرون بها.

 أقول للصحافي: اوعا تقبض خليك مطرح ما بتكون ترفع راسك

ما الذي تطمح اليه اليوم؟ وماذا بعد؟
اريد ان ارتاح، أفكر وأعمل على مهل، لم أعد أتحمل الضغوط توليت مسؤولية رئيس التحرير الظل لفترة معينة، من دون علم جورج ابراهيم الخوري الذي كان لا يزال موجوداً، حفاظاً على شعوره لم نكن نخبره انني أحل مكانه، على أن يضعوا اسمي لاحقاً، لكن ما حصل أنهم حذفوا اسمه ولم يضعوا اسمي بل حل اسم السيدة الهام فريحة المهمة.
هل يستطيع الصحافي ان يجني اموالاً من مهنته؟
كلا، هذه المهنة لا يجني منها المال الا هؤلاء الذين يقبضون، لذا، الى جانب عملي كصحافي كان لدي عمل آخر مع الوالد، لا أحد يجرؤ أن يقدم لي هدية.في أحد الايام اتصل بي شخص بعد أن كان احد المنتجين قد انجز أغنية لوديع الصافي، قال لي: ان فلان يريد أن يعطيك 300 دولار. اجبته: يريد أن يعطيني 300 دولار كي أكتب عن وديع!؟ عندها، نشرت هذه الحادثة، لا أحد يجرؤ أن يعرض علي مبلغاً، لانني صحافي حر، لذا، هذا الامر لن يجعل منك ثرية.
اذاَ، لماذا هذا التهافت على هذه المهنة؟
يجيب على الفور: يريدون الشهرة، لم تعد تكتفي الفتاة بالحياة العادية تريد أن تحصل على كل شي. فاذا لم تكن تعرف الغناء ترقص واذا لم ترقص تصبح مذيعة واذا كانت غير صالحة لذلك تمثل، تسعى للشهرة، وللأسف المؤسسات الاعلامية تستوعبهن.
ما هو العنوان الذي تضعه لهذه المرحلة من حياتك العملية؟
هذه المرحلة مارست فيها هوايتي اسميها مرحلة البحث عن اللذة وليس عن المتاعب ، لدي شغف في الصحافة، كنت شغوفاً بمهنتي عندما كنت أكتب موضوعاً كنت ارقص فرحاً.

????????????????????????????

 لا وفاء للفنان بل الحذر والتكبر

هل لدى الفنان وفاء للصحافي؟
يجيب بحسرة: أبداً، لا وفاء لديه ولا “بقوة” ولا صداقة بل لديه حذر وتكبر، 90 % من الفنانين يعتقدون أن العالم يريدون ان يعيشوا من خلالهم، بمعنى اذا قلت مرحبا لفنان يعتبر أنك تريدين شيئاً منه. الى ذلك، مهما فعلت للفنان لن يحفظ لك جميلاً. وخير دليل هذا الكتاب الذي كشف لي ان 75% ليسوا أوفياء.
لأي فنان ترفع القبعة؟
هنا، اعود الى العلاقة الشخصية التي كانت تربطني مع جيراني الرحابنة وصديقي الحميم ايلي شويري، هؤلاء الكبار، أما الباقون فكانت علاقتي معهم علاقة صحافي بفنان لا أكثر. آخر جيل واكبته كان هيفا واليسا ونانسي عجرم وميريام فارس لقد قدمن لوحات فنية جميلة.
الصحافة بين الامس واليوم، ماذا تغيّر؟
لا علاقة بينهما، “فلتت” اليوم انت تعيشينها وتعرفينها جيداً، احدثك عن صحافة الأمس، كانت الصداقة قائمة بين الصحافي والفنان، عندما كان هذا الأخير يريد أن يطلق أغنية كان يجمع 2 او 3 من أصدقائه يسمعهم اياها فكانوا يعقدون سهرات لتأليف أغنية، كما كان لدى الرحابنة مكتب في بدارو، عندما كانوا يريدون انجاز عملٍ كانوا يجمعون على الاقل 10 اشخاص من المفكرين، يقرأون لهم العمل وكل واحد منهم كان يعطي رأيه، حتى يصبح العمل جاهزاً للجمهور. بينما حالياً، لا تعرف المغنية حتى مصدر الاغنية، مدير اعمالها هو الذي يختار ويدوزن هي تضع صوتها فقط. بالامس، كان عبد الحليم حافظ يطلق أغنية واحدة في السنة، وعبد الوهاب كان يجري 500 بروفا قبل اطلاقها أمام الجمهور. كذلك الامر بالنسبة للصحافة، كل شيء كان مدروساً كنا نقدم عملاً متكاملاً، كان الغلط ممنوعاً. ليس كل من حمل آلة تسجيل أصبح صحافياً.

 النقابات هي دفن الموتى  سلميلي عليها

ألم يحن الوقت للانتفاضة لحماية هذه المهنة من الدخلاء؟
لا مرجعية لاي شيء في لبنان، ليس لدينا نقابة، لا مرجعية للصحافة.
وما هو دور نقابة الصحافة والمحررين؟
ضعيها عنواناً “سلميلي على النقابات”، هذه دفن الموتى، لا مرجعية للصحافة كذلك الفن والتلفزيون ووزارة الاعلام، جميعهم يفتقدون الى المرجعية. اذا كنت بائع خضار وأملك المال افتح مجلة واوظف كم حدا وهكذا تسير الامور، أغلبية الموظفين غير كفوئين، تسمعين فنانة عقدت مؤتمراً صحافياً اذا سألها أحد الصحافيين سؤالاً لم يعجبها يخرجونه؟ لماذا؟ يجب قلب الطاولة على رأسها في هذه الحال. الى ذلك، قديماً لم يكن لدينا هذه التقنيات الحديثة التي هي في خدمة الاعلام. كنا نصور بكاميرا واحدة ونبقى حتى الخامسة فجراً للانتهاء من المونتاج. العمل لم يكن سهلاً، كنت أذهب الى العمل في الترمواي.
كيف تصف علاقتك بالفنانين؟
مرت بمراحل، في البداية كنت أنظر اليهم كهالة، لقد تعرفت على أهم الفنانين والفضل للاستاذ جورج ابراهيم الخوري الذي كان مؤمناً بموهبتي ففتح امامي الابواب، أعطاني صفحة “باب على الصنارة” فكان بنفسه يتصل بالفنان ويقول له الياس يريد أن يجري مقابلة معك، أدخلني الى منزل وديع الصافي وملحم بركات وصباح وسميرة توفيق وايلي شويري أدخلني بيوت كبار الفنانين في حين كنت في بداية مشواري الصحافي. اما حالياً فانظر اليهم نظرة مختلفة لكن لا تزال الصداقة مستمرة والاحترام متبادل بيننا.

scn0004

 صباح ووديع الصافي أحدثا انقلاباَ فنياً، لقد نقلا القرية الى المدينة

هل تابعت مسلسل الشحرورة الذي تناول قصة حياة الفنانة صباح؟
يجيب على الفور: أشياء كثيرة لم تكن صحيحة، ركّز المسلسل على أزواجها وكأن سيرة صباح هي مقتصرة على أزواجها فقط، صباح أسطورة حقيقية ليس لأن صوتها جميل هو لا شيء مقارنةً مع كائن اسمه “صباح” ووديع الصافي.. هؤلاء أحدثوا انقلاباَ في حقبة الخمسينات. كان الفن في بعلبك يختلف عما كان في بيروت، هناك الدبكة والربابة، وفي الاخرى فريد الاطرش وعبد المطلب، في بيروت لم يكن يسمعون العتابا و الميجانا، لقد نقلوا القرية الى المدينة، فواصلوا لبنان ببعضه، الى ذلك، كان لديهم رسالة للبنان في أغنياتهم، حتى عندما كانوا يسافرون كانوا يحثون المغتربين ليأتوا الى لبنان.
ماذا تقول للفنان الذي أسكرته الشهرة التي يكون الصحافي قد أمنها له؟
يجيب بكل هدوء: سأعطيك مثلاً صغيراً على قلة الوفاء عند الفنان، هل حصل أن ذكر أي فنان في أي مقابلةٍ له اسم صحافي واحد بالخير، وكأنني أنا كصحافي مرغم على التحدث عنه في حين هو ليس ملزماً بالتحدث عني، هناك فنانة واحدة فقط في لبنان هي صباح كانت دائماً تذكر اسمي. هذا أكبر دليل عن قلة الوفاء لديهم.
رافقت العديد من الفنانين في مسيرتهم، هل من أحداث ظريفة او غير مألوفة حصلت؟
صحيح لقد دخلت كل بيوت الفنانين، وفي كل بيت كانت تحصل أمور ربما لو كان مكاني صحافي آخر كان استغلها، الا أنني لم أكتب يوماً عنها ولم أنشرها، كان يقول لي وديع الصافي ” يا ابن أصل”.
لقد كرّم وديع الصافي من خلال ولديه في مهرجانات بيروت…
مقاطعاً: (شو جاب لجيب) تتحدثين عن جبل صنين ثم تنتقلين الى تلة جميلة خضراء، يضع يديه على الطاولة ثم يتابع قائلاً: ان اولاد الفنانين الذين لازموا أهلهم بعد وفاتهم ضاعوا ومن بينهم جورج وطوني كانا متلاصقين لوالدهما، عندما حاول جورح الغناء كتبت، ” يغرّد خارج القفص”، لم ينجح في ذلك لكن كان عليه أن يحاول من جديد، لديه صوت جميل لكن أكبر غلطة يرتكبها انه يريد أن يغني أغاني والده، وأنا أقول له: احتراماً لوالدك لا تغن أغانيه. لا أحد يستطيع ان يعيد تراث وديع الصافي، لانه روح، ممنوع الاقتراب منه، قد يغني نقولا الاسطا أو ملحم زين أو معين شريف بعض أغانيه في حفلاتهم لكن لا أحد يستطيع أن يعيد تراثه.

146

أي فنان كان له تأثير ايجابي في حياتك المهنية؟
الرحابنة ووديع الصافي وصباح وفيروز وسميرة توفيق، التي أسميتها ” ملاك على الارض”. المرحلة التي رافقت فيها الموسيقار ملحم بركات كانت جميلة، رافقته حتى في الفترة الدقيقة من حياته لا سيما علاقته بمي الحريري، في حفل توقيع كتابي الاول لم يحضر لأنه كان محرجاً الا أنه اتصل بي وقال سيأتي في اليوم التالي الى منزلي للعشاء وطلب مني أن نحضر له “طاجن”، أتى برفقة زوجته رندة، حينها اعتبرته ” ابن أصل” لانه بذلك، لم يشأ أن يحرجني في منزلي. أما الباقون فقد بدأنا نراهم من بعيد في التسعينات عصر النجومية، حيث انتشرت المطاعم الغنائية فنجموا بشكل غريب وكان العصر الذهبي بالنسبة لهم. وانقطعت العلاقة بين النجم والصحافي، اصبح لكل منهم مدير أعمال ومكتب فني الامر الذي ادى الى انفصال وغربة بين الصحافي والفنان حيث أصبح هذا الاخير في عالمٍ آخر عالم الاعمال، في حين كان هؤلاء يريدون الفن فقط. لا يزال منزل منصور الرحباني بالايجار، ايلي شويري يعيش في منزل مساحته 100 متر، حالياً أقل واحدة تسمعينها تتكلم بملايين الدولارات. كيف تريدينهم أن يصنعوا فناً وهم لا يفكرون الا بالمال؟
على ماذا يختلف الفنانون برأيك؟
لا يختلفون على شيء، يريدون أن يجنوا اموالاً فقط.
ما هو رأيك بالدراما اللبنانية؟
لا نزال نراوح مكاننا، لدينا عقدة الفيلات والقصور والسيارات الفخمة والخيانات الزوجية. في كل المسلسلات نرى السيدة جالسة في الصالون مع ماكياج كامل، لماذا لا يصورونها تحضر طعاماً في المطبخ تنقر كوسا مثلاً أو تعجن، عندما يغيرون هذه الامور، عندها نقول أنه لدينا دراما. الا ان مسلسل ” باب ادريس” و “لونا” و ” أشرقت الشمس” كانوا جيدين.

scn0018

 

 في الدراما اللبنانية: لدينا عقدة الفيلات والقصور والسيارات الفخمة والخيانات الزوجية

هل تابعت 10 عبيد زغار؟
تابعت النسخة القديمة، قال أنطوان ملتقى: اكبر خطأ كان هو اعادة كتابة وتصوير هذا المسلسل.
ما هو رأيك بال Pan Arab؟
” ما الو عازة” لم أر مجتمعاً بهذه الخلطة العجيبة، انظري من حولنا، نحن هنا منذ ساعتين، جميعنا هنا نشبه بعضنا، اذاً، كيف يمكن ان تكون علاقات عائلية وانسانية واجتماعية محبوكة كما هي الحال في هذه المسلسلات التي تعرض على شاشاتنا، لكنهم وبهدف الانتشار يمثلون أي دور.
ما هي نصيحتك للصحافيين؟
من يريد أن يعمل في الصحافة يجب أن يكون مولعاً بها، الى ذلك، أنصحه بالصدق والجرأة وأن يكون مصدر ثقة، وأقول له ايضا” اوعا تقبض خليك مطرح ما بتكون ترفع راسك”.
هل تتابع السياسة؟
لا اتعاطى السياسة ولم اسلم يوماً على سياسي.
من تتوقع لرئاسة الجمهورية؟
لا أحد يعلم. جميعهم دمى متحركة لا يعرفون شيئاً. ليس لدينا سياسيون لدينا موظفون فقط لدى الدول الكبيرة.
هل من كلمة أخيرة في ختام هذا اللقاء؟
اريد أن اختصر مسيرتي بالقول انني ابن الزمن الجميل، ولا يمكن أن أتخلى عنه، هذا أنا اذا امسكت القلم الكل يعرف ماذا سأكتب.

IMG_2274

سميرة اوشانا

(مجلة الهديل)

اقرأ الآن