YOUTUBE
Twitter
Facebook

1

4 آذار 2009 ذكرى مؤلمة قلبت حياة ناهي وألين لحود تلك الابنة الشابة التي لبست الاسود باكراً وغنّت “بكير تركتيني” حين غابت والدتها الفنانة الراقية سلوى القطريب التي قال عنها الصحافي الراحل جورج ابراهيم الخوري:” كل الفنانين طلعوا السلم درجة درجة انت جيتي دغري من فوق”، وقال الفيلسوف والشاعر الكبير الراحل سعيد عقل الذي لم يصدّق إنها حقيقة الا من بعد ما لمسها قائلاً لها” أأنت حقيقة أم خيال؟” أما الفنان روميو لحود فقد وصف سلوى بالسعادة إذ قال مرةً:” سلوى مثل السعادة ما منعرف قيمتها إلا بعد ما نفقدها.”
بعد مرور ست سنوات على غياب حبيبة قلبه يتذكر ناهي لحود شريكة عمره في أصغر التفاصيل، لم تغب عنه يوماً فهي لا تزال موجودة في كل زاويةٍ من المنزل، سلوى لم تمت كما قال روحها باقية معنا.

بدايةً أخبرنا كيف تعرفت على سلوى؟
بابتسامة خفيفة يتذكر قائلاً: هذه قصة طويلة ، بعد أن افترق عن صباح في العام 1974، كان شقيقي روميو لحود يبحث عن بطلةٍ لمسرحيته، وكان محتاراً، أراد فتاةً ممشوقة القوام وفي هذه الفترة كان معجباً بألكسندرا شقيقة سلوى، ذكر يوماً أمامها عن حاجته لنجمةٍ لمسرحيته، فقالت له:”لدي شقيقة تتميّز بصوتٍ رائع لكن لا أعلم إذا كانت ستوافق. قال لها لكنني أعرفكن جميعاً. قالت له: “لأ، هذه speciale لا تخرج من البيت، وأهلي عقلاتهم ضيقة، باختصار، دعته الى منزل أهلها في الأشرفية، إلا أن سلوى ما أن علمت أن روميو آتٍ هربت ودخلت غرفتها وأغلقت الباب، فشلت المحاولة الأولى، لكن في المرة الثانية فاجأها روميو حين دقّ الباب ففتحت له سلوى وقال لها ” كمشتك” أريد أن أسمع صوتك، وبعد إلحاحٍ منه غنّت له ” أوعدك” للفنانة سعاد محمد، فطار عقله، يومها أتى ألي قائلاً: وجدت ال vedette النجمة التي كنت أبحث عنها منذ 30 سنة. وبما أنني كنت شخصياً مسؤولا عن كل ما له علاقة بالتقنيات في المسرح، من صوت الى إضاءة الى إدارة مسرح ككل. تعرّفت عليها من خلال إطلالتها الأولى خلال التمرين ، فكان الإعجاب متبادلاً، وتزوجنا بعد مرور 5 سنواتٍ من إنطلاقتها.

6

أخبرني عن شخصيتها وطباعها وما يجهله الجمهور عنها؟
لدى الجمهور فكرة مغالطة عن سلوى، إذ كان يعتبرها البعض أنها متكبرة في حين لم يكن ذلك تكبراً بل خجلاً، لن تصدقي أن هذه الفنانة التي كانت تعتلي المسرح هي في حياتها الخاصة فتاة خجولة جداً تستمع أكثر مما تتحدث، لكن عندما كانت تعتلي خشبة المسرح تصبح شخصاً آخر، جريئة وقوية، لأن هذا هو الفنان الحقيقي، لم يكن لسلوى صغيراً أو كبيراً فقيراً أو غنياً بالنسبة اليها كل الناس سواسية، لم يكن لديها خدم وحشم بل كانت تقوم بنفسها بالأعمال المنزلية، كما كانت تستيقظ باكراً وكانت منتظمة جداً في بيتها وعملها. كانت تحب الحياة، وكانت رومانسية تفضل الذهاب والجلوس على ضفة النهر في الهواء الطلق على أن تذهب الى النايت كلوب Night Clubحيث الاصوات الصاخبة ولا أحد يسمع الآخر.
كيف أحببتها أكثر كفنانة، كزوجة أم كأم؟
يبتسم: للصراحة في البدايةً جمالها طبعاً لفت نظري فالجمال الخارجي يهمني كثيراً، لكن، بعد ان سمعت صوتها ازداد الإعجاب بها، ذكر روميو يوماً ” هذا الصوت كان ينقصنا، كنا بحاجةٍ اليه”، لأن في تلك الحقبة كانت صباح وفيروز فقط في الساحة الفنية، فأتت فتاة من لا شيء إذ لم تكن لا خريجة كونسرفاتوار ولا ستوديو الفن وغير متدرجة على يد أستاذٍ موسيقي إعتلت المسرح بجرأةٍ وفتحت لها طريقاً لوحدها. أول مسرحية لها كانت “سنكف سنكف” التي كانت سياسية – ساخرة بين البلدين لبنان وسوريا، في الوقت الذي تم انتخاب جورجينا رزق ملكة جمال الكون فرأى روميو في وقوفهما سوياً على المسرح رهجة يضمن من خلالها ضربة قوية بإقبال الجمهور عليها إذ أتى البعض لمشاهدة جورجينا الملكة، والبعض الآخر لرؤية وسماع الموهبة الجديدة التي إسمها سلوى القطريب، يومها كتب جورج ابراهيم الخوري ” ملكتان على خشبةٍ واحدة” فلكل منهما رهجتها وطلتها. وبعد إنطلاقتها بخمس سنوات عرض عليها المخرج الراحل ألبير كيلو من تلفزيون لبنان مسلسل ´شهرزاد” مؤلف من 26 حلقة، باللغة النحوية، ولحن لها توفيق الباشا 26 أغنية طرب، ما جعل الناس تتساءل عن إمكانية سلوى التحدث بالنحوية. كانت مواظبة حفظت السيناريو بأكمله غيباً حتى أدوار زملائها الذين كانوا يلعبون الى جانبها وغالباً ما كانت تساعدهم .
يتابع: هذا المسلسل لعبته الى جانب جورج شلهوب وارتاحت اليه كثيراً لأنه شخص مثقف، فأصبح يزورنا وكانا يتمرنان سوياً. سلوى لم تتابع دراستها الجامعية، كانت ” بيتوتية” لم تكن تحب الخروج من المنزل عكس شقيقاتها، كانت تبقى مع والدتها تساعدها في تدبير المنزل فأتى روميو وأخذها من هذا المكان الى مكانٍ آخر وأنقلبت حياتها.

3

كأم، كيف كانت علاقتها مع ألين؟
كانت حنونة، دمعتها سخية لم يكن باستطاعتها رؤية طفلٍ جائعٍ أو إمرأة تركض وتشقى لتربي اولادها، كأم كل تركيزها كان على ألين وكانت مستعدة أن تتخلى عن الفن من أجلها إذا لزم الأمر. لقد أحطنا ألين بالرعاية المطلوبة أنا كأب وهي كأم بنفسها كانت تستحمها وتطعمها، كذلك، الين بدورها تعلّقت بها كثيراً وقد رحلت سلوى في الوقت الذي كانت بحاجةٍ اليها، على الرغم من أنها كانت صبية إلا أنها كانت لا تزال تحتاج اليها.
عدا الصوت الجميل، ماذا اخذت من والدتها؟
سلوى هادئة بينما ألين عكس ذلك، إنهما تختلفان في الطباع لكنهما كانتا تكملان بعضهما. لكن الين كانت تحب شخصية وطباع والدتها وهي تقول دائماً:” يا ريت عقلاتي متل عقلات الماما” أقول لها حاولي، تجيب لا استطيع. هذه طبيعتي بينما سلوى كانت تقول لها ” إبقي كما أنت، لأنني أنا كنت ألتزم الصمت عندما أتعرض للأذى بينما أنت لا تفعلي مثلي بل ” فشي خلقك.” وأنا من ناحيتي كنت معجباً بكلتيهما. إذ لكل واحدة خصوصياتها لكن، بالنسبة لخامة الصوت، غريب كنت أسمع الصوت فأسأل سلوى؟ تقول لأ ألين. من الناحية الفنية سلوى كانت تتميّز عن ألين بالطرب في حين الين نشأت على الأغنية الغربية لكن بدورها عندما غنّت الشرقي أذهلتني، ألين تصل الى نوتات أعلى من سلوى لكن سلوى في “القرار” أكثر من ألين ، فعلاً إنهما تكملان بعضهما؟ في مرةٍ غنتا سوياً على المسرح في حفلة الموركس دور عام 2005 أغنية ” خدني معك”. ومن المفارقات أيضاً ألين بتطحش بينما سلوى كانت تفضل أن أكون أنا في الواجهة في العقود العملية.

2

 كانت سلوى ” بيتوتية” لم تكن تحب الخروج من المنزل

أتى روميو وأخذها من هذا المكان الى مكانٍ آخر… وأنقلبت حياتها

من المنزل الى النجومية، ألم تغيّر الأضواء شخصية سلوى؟
وحياتك أبداً، كانت تقول أنها تحب أن يصفق لها الجمهور. لم يبهرها شيء، لا الشهرة أسكرتها ولا حتى الالماس كان يعني لها شيئاً، كان ذلك أمراً عادياً بالنسبة اليها، وكانت تتمتع براحةٍ نفسية، انا كنت عصبياً وهي كانت هادئة.
سلوى غنّت ومثلّت، أين نجحت أكثر، واين أحببتها؟
بدايةً طبعاً في المغنى، لكن عندما مثلّت في ” بنت الجبل” فاجأتني كلياً، روميو لحود دائماً يصيب، كتب هذه المسرحية لانها قصتها. لقد أدهشتنا فعلاً، فهي بالاضافة الى صوتها الساحر وطلتها البهية تحفظ اللهجات وكانت تتمتع بسرعة البديهة.
أخبرني عن بعض المواقف الطريفة التي حصلت مع سلوى؟
في إحدى المرات في مهرجان جرش، كانت تغني سلوى فنسيت كلمات الأغنية، على الفور ألّفت جملة وتابعت الغناء كأن شيئاً لم يكن، وعندما نزلت عن المسرح سألت روميو هل لاحظت شيئاً ما؟ قال: لأ، قالت له لقد غيّرت الجملة في هذا المقطع لانني نسيت الكلمات ” طارت من راسي”. الى ذلك، كانت تحيك مقالب صغيرة وكان لديها نهفات خفيفة إذ كانت تقلّد بعض الشخصيات يبدو أن كان لديها موهبة التمثيل من دون أن تدري. قالت مرة: “كان هدفي أن أفعل شيئاً يتحدث عني الناس من خلاله لكن لم أكن أعرف أنه سيكون ذلك من خلال المغنى.” لقد تحقق الحلم. كانت تحب ليلى مراد وفايزة أحمد التي كانت صديقتها كذلك سعاد محمد في مرةً وفي زيارةٍ لها الى لبنان أتت خصيصاً مع محمد سلطان لمشاهدتها عندها غنّت سلوى ” أوعدك” فطار عقله محمد وقال لها: ” يا ريت تعرّفت عليك قبل سعاد محمد كنت اعطيتك ياها” فأجابته سلوى” أعوذ بالله أنا لا أتقدّم على سعاد محمد، سعاد فنانة مهمة جداً.”

5

 قال لها محمد سلطان لو كنت تعرّفت عليك قبل سعاد محمد كنت أعطيتك الاغنية

قأجابته أعوذ بالله أنا لا أتقدّم على سعاد محمد فهي فنانة عظيمة

في أي مناطق غنّت والى أي بلدان تنقلت سلوى بحفلاتها ؟
كل المسرحيات كانت تعرض على مسرح إليزيه لروميو في الأشرفية وقسم آخر في كازينو لبنان وفي البيكاديللي الحمرا، لم تتنقل كثيراً بين المناطق بسبب الحرب، لكننا سافرنا كثيراً الى فرنسا، أميركا، الكويت، دبي، العراق، سوريا، الأردن، الجزائر في احدى الحفلات بدأ الجمهور يخلع جاكيتاته ويحييها بواسطتها تحيةً لها.
أي من هذه الجماهير احبها أكثر؟
جميعهم خصوصاً الشعب السوري، لكنني رأيت في الشعب الجزائري ردة فعل مذهلة، هذا الجمهور الذي لم يكن يعرفها بعد. لن أنسى ذلك.
كيف كانت علاقتها بالصحافة، وهل كان لديها ميول سياسية؟
كانت تؤيد لفتراتٍ معينة الموقف السياسي، مثلاً كانت تحب كثيراً الرئيس كميل شمعون وريمون إده بعد ذلك أيدّت مواقف العماد ميشال عون، لكن بعد المعمعة الضبابية لم تعد تؤيد أحداً، هي لم تكن تصرّح بآراء سياسية بل كانت وطنية وتحب الجيش وغنّت كثيراً له، أما بالنسبة لعلاقتها بالصحافة، فلم يكن هناك من علاقة ودية بمجلةٍ معينة ولا مرة وجدت الصحافة مأخذاً عليها للتجريج بها، إلا انها كانت مغيّبة إعلامياً لدى بعض الاعلاميين لإنها لم تكن تساير. طبعاً هناك صحافيون أحترمهم كثيراً وهم أصدقائي منهم من توفي. الصحافة المحترمة كانت الى جانب سلوى، الفرنسية منها او العربية حتى أن البعض كتب عنها كلاماً تفوّق على كلام عن السيدة فيروز التي كانوا يعبدونها، مثلاً أن تفرض نجمة نفسها في زمن فيروز وصباح أمر غير سهل، الشاعر والفيلسوف الراحل سعيد عقل أعطاها جائزته ما أن سمعها تغني “إسمك بقلبي”، إنتظرها حتى انتهت، تعرّف إليها قبل أن يسلّم عليها وضع إصبعه على زندها، قالت له: ماذا تفعل؟ أجاب : اريد أن أرى إذا كنت حقيقة أم خيال.

7

هل كانت صعبة في اختيار ملابسها؟
مسرحياً، بابو لحود هي التي كانت تصمم لها وكانت ترتاح كثيراً مع سلوى لأنها كانت كعارضة أزياء، كما لم تكن مزعجة إذ كان لديها ثقة عمياء بذوق بابو، كانت تحب كثيراً اللون الأحمر، إلى ذلك، كانت تتوجه الى بوتيك بابو لتختار ثيابها ، كانت تحب المصممين الايطاليين مثل فيرساتشي وفالنتينو كانت كلاسيكية بلباسها.
ماذا كانت أكلتها المفضلة؟
التبولة وزعتر وزيت والمطبخ الايطالي . كانت تحب ترتيب المنزل الا انها لم تكن تحب المطبخ، لكنها تعلمت فيما بعد وأتقنت فنه.

Salwa Qatrib

أعرف اللحظات الأخيرة تكون صعبة جداً لكن هل باستطاعتك أن تتحدث عن مرحلة الوداع الأخير؟
من اصعب الأيام التي عشتها في حياتي، سلوى كانت لا تزال في 54 سنة لا أحد يصدق أنها رحلت بهذه الطريقة، هي كانت تهتم جداً بصحتها، لم تكن تدخّن ولا تشرب الكحول ولا تأكل اللحوم عاشت حياةً صحية، فجأةً شعرت بإرباكٍ في معدتها، وبعد يومين لم تعد تستطيع النهوض من السرير كانت ترفض الذهاب الى الطبيب، لكنني طلبته رغماً عنها ونقلتها الى المستشفى، وخلال نقلها غابت عن الوعي، وأظهرت نتيجة ال scan أن نزيفاً في الدماغ كان قد حصل، عندها قال لنا الطبيب، صلوا، فقط الاعجوبة هي التي ستنقذها، قلت له هي مؤمنة جداً ستنقذ نفسها، وفعلاً بعد 5 أيام ودعتنا. سألت الطبيب في هذه الفترة التي كانت في الغيبوبة هل تتألم قال لا، إنها نائمة وهي تسمع لكنها لا تستطيع الكلام ، تحدّث معها وأمسك بيدها وقل لها إذا كنت تسمعينني يا سلوى شدي على يدي، فعلاً كانت تسمعنا وتشد على أيدينا، مرةً نادتها ألين Mamy لفتت إليها لكنها لم تستطع فتح عينيها.البطريرك بشارة الراعي كان لا يزال مطراناً أتى للإطمئنان عليها توفيت أمامه.
أتذكرها كل يوم وأتحدث معها فصورها في كل أنحاء المنزل، بعد غيابها ولمدة 6 أشهر كنت أتحاور معها كل ليلة أنظر الى صورتها كنت أطلب منها أن تصلي لنا، وأقول لها إذا كان لديك إشارات أرسليها ، هذا ما حصل مع الين في مشروعٍ لم أكن موافقاً عليه وقلت لها أكيد والدتك ايضاً كانت سترفضه، في ليلةٍ أتت ألين وقالت لي سمعت صوت أمي قالت لي ” أوعا تعملي هالمشروع”. هناك خط مباشر لم ينقطع بيننا .
لو كانت لا تزال حية، برأيك ماذا كانت فعلت؟
كانت اعتزلت الفن، كان بداخلها حزن على بلدها وعلى الوسط الفني سبق وذكرتها في تصريحاتٍ لها ” اين الأصوات الجميلة والمرتبة؟ سلوى كانت إمرأة فريدة من نوعها.

salwa-katrib

 لم يكن لسلوى صغيراً أو كبيراً فقيراً أو غنياً بالنسبة اليها كل الناس سواسية،

لم يكن لديها خدم وحشم بل كانت تقوم بنفسها بالأعمال المنزلية

4

 كانت تحب المصممين الايطاليين مثل فيرساتشي وفالنتينو

9

10

سميرة اوشانا

(مجلة الهديل)

اقرأ الآن