YOUTUBE
Twitter
Facebook

chibli

بعد مرور 21 سنة على وفاة “الايقونة الاعلامية” لا يزال رياض شرارة  في ذاكرة كل من رافقه وتابعه وعاصره، هو الذي كان يتميّز بوجهه البشوش ونكتته الراقية والخفيفة والمعلومة المفيدة، لا ننسى  تعليقاته ومحطتي كلامه “تقبريني” و”عطيني بوسة”. نتذكره اليوم سوياً مع الاعلامية  ميراي مزرعاني حصري التي رددت كلمة ” فظيع، ومش معقول”  عدة مرات وهي تتحدث بحماس ومحبة  عن الاعلامي الذي قالت عنه وبصوتٍ مرتفع “رياض شرارة لن يتكرر” و “يا ضيعان قلبي عليه، رحل باكراً كان باستطاعته أن يبقى يزاول عمله الاعلامي حتى يبلغ الثمانينات.”

حاورتها: سميرة اوشانا

 

 IMG-20150904-WA0015

بعد مرور 21 سنة على غياب رياض شرارة، بالاضافة الى روح النكتة التي كان يتميّز بها. كيف تتذكرينه، وماذا أخذت منه؟

كنت محظوظة جداًن كوني عملت معه، كثيرات من المذيعات كنّ يتمنين المشاركة معه في أي برنامج، لكن اريد أن أخبرك شيئاً لا يعلمه أحد، كان عمري 13 سنة حين اشتركت في برنامج من اعداد télé  libanحسب ما أذكر ربما كان اسمه “الاحد ع الهوا”  او ” ناس ونغم” كان يقدمه رياض شرارة وكانت تشاركه في التقديم غابي لطيف “تأملي”. قيل لنا أن “تلفزيون لبنان” سيصور حلقة من البرنامج في منطقةً قريبة من منطقتنا في بعبدات لذا، أخذتنا  والدتي أنا وأخوتي الى “قهوة” في تلك المنطقة لنشاهد تصوير البرنامج الذي كانت تتخلله أجواء الفرح والموسيقى وألعاب والناس يغنون، طلبوا مني المشاركة فاشتركت، سألني رياض وقتها من أين أنت؟  تتوقف: ” يا الله مش معقول” وربحت جائزة كانت كناية عن سلة ملآنة من الشوكولا والعصير…، لم أتصور أنه سيأتي يوم من الأيام وأقف الى جانبه كمذيعة. لطالما كنت أردد “يا ليتني أستطيع أن أقف مثله” العمل التلفزيوني جميل جداً لكن لم أكن أفكر به.” إلا مع مرور الأيام عدت وعملت والتقيت به في برنامج يجمعنا.

riad-640_647147_large

 

    • “الله طلعت قدي”

في أي ظروف التقيت به وكيف تمّ الاختيار لتكوني معه في البرنامج؟

معرفتي به كانت من خلال اذاعة “لبنان الحر” حيث كنت أقدم برنامجاً من اعداده، وقد دخلت التلفزيون من خلال برنامجين “رالي”، و”قلبي دليلي” بعد ذلك، قررت ادارة التلفزيون انتاج برنامج “باب الحظ” وطلبت من رياض أن يعده على أن أن يكون الى جانبه في التقديم عنصر نسائي، والجميع اتفق على تسميتي. “بيناتنا، خفت كثيراً أن يأكلني على الهواء لكن الوقوف أمام شخص بحجمه المهم جداً، قلت في نفسي “لن أضيّع  أو أخسر هذه الفرصة”، لكن “طلعت قدو” هو قال لي ذلك” والله طلعت قدي”. لانني بقيت على طبيعتي وعفويتي، غير متفلسفة وهو تقبّل هذا الأمر، سئل مرةً في مقابلةٍ أجريت معه:” ما هذا الديو الرهيب أنت وميراي، مثل الكنة والحمى” لماذا ميراي؟ أجاب:” منذ 25 سنة وأنا أنتظر أحداً مثل ميراي لكي أعمل معه ديو، لأن ميراي عفوية وطبيعية ولا تعاني من مشاكل في حياتها، وهذا ينعكس على وجهها، وهي لا تغار من أحد وسعيدة مع أفراد عائلتها، لذا، نجحت في العمل التلفزيوني وأحبها الناس يا ليتني أكتشفتها من قبل.”

كان بالنسبة الي بمثابة الاخ الاكبر، لم ينتقدني ولا مرة بل العكس تماماً كان دائماً يشجعني ويقول لي :” برافو ميراي كنت مهضومة في هذا المكان.” كما كان يردد لي دائماً:” لا تستمعي للحساد عندما يقولون كلمة لقهرك.”

اتذكر مرة كنا نقدم سوياً مهرجان الموسيقى في منطقة “الاشرفية” بعد أن قدّمت الفنان ولدى دخولي الى الكواليس، أمسك بيدي قائلاً: “اوعا تعملي هيدي مرة ثانية، قلت له: ” شو هيدي؟ أجاب:” كيف تمشين خلف الفنان؟ قلت له ماذا كان علي أن أفعل؟ أجاب: تسيرين أمامه حتى تدخلين الى الكواليس فأنت أهم منه، فأنت بكلمة واحدة تنزلين الفنان وبأخرى ترفعينه، اياك الاستخفاف بنفسك، فأنت الاهم، ماذا تعتقدين، كل هؤلاء الفنانين يريدون رضانا.”

واضح انه رأى فيك انك تتميزين بنفسية مرحة ايضاَ، وكان بينكما نوع من ال telepathie.

صحيح، وكنت مرتاحة، لم أشعر بثقل المهمة، أخذت منه الحركات وخفة الدم وسرعة الخاطر التي كان يتميّز بها. مع الاشارة الى أن المرأة على شاشة التلفزيون غير الرجل هو يستطيع أن يقول أموراً أنا لا أستطيع التحدث فيها. هل فهمت ما أقصد؟

طبعاً، خصوصاً في تلك الفترة.

تضيف: الى ذلك، تعلمت منه ألا اسخر من أحد، هناك خيط رفيع بين السخرية والهضمنة (الفكاهة)،هناك حادثة لن أنساها، في احدى الحلقات، لم أستطع التوقف عن الضحك فأوقف التصوير وبقي الجمهور الذي كان موجوداً في الاستوديو يضحك، وذلك عندما سأل رياض أحد المشتركين كانت تبدو على وجهه    ملامح القساوة والغضب، ماذا تعمل؟ أجابه استاذ Mathematiques  علّق رياض قائلاً:” يبدو على وجهك جدول الضرب.” تتذكر وتضحك.

على الرغم من ثقافته الواسعة كان رياض يحضّر برنامجه. كان لديه شغف بالمطالعة التي جعل منها مهنة له، إذ كان يستيقظ باكراً عند الساعة السابعة والنصف ويدخل غرفة مكتبته ليبدأ بالمطالعة من الساعة الثامنة حتى الثانية ظهراً، فكان الامر بالنسبة اليه بمثابة دوام عمل. قلت له يوماً يا ليتني أستطيع القراءة مثلك قال لي حاولي قراءة اي شيء ولو ساعة واحدة يومياً، قلت له: “مشكلتني أنني لا أحفظ ” عندها قال:” لهذا أخصص كل هذا الوقت للمطالعة لانك لا تستطيعين حفظ ما تقرأين.”هو كان يحفظ كل شيء (مش معقول.. رهيب .. مش طبيعي).

تتابع: هو الذي اخترع البث المباشر في الاذاعة اللبنانية، كان لديه برامج عديدة كان نبعاً من الأفكار.

قال لي يوماً كلاماً لن أنساه أبداً:” ميراي لديك موهبة ليست موجودة لدى الجميع، أنت عفوية وقريبة من الناس ابقي كما أنت لا تتغيري وثابري على المطالعة.

  •  “اياك أن تسيري خلف الفنان أنت تسيرين أمامه وهو خلفك فأنت الأهم، كل هؤلاء الفنانين يريدون رضانا..”

مهنة التقديم هل هي موهبة أم دراسة، برأيك؟

الاثنان معاً، بالنسبة الي أقول أنها هبة من عند الرب هناك مقدمون كثر لكن الجمهور لا يحبهم، لا يتركون أي بصمة،  تسمعينهم يرددون رأينا مذيعة تقدم لكن يجهلون اسمها… ما نراه في ايامنا هذه  ليس تقديماً لا، لا..” شو هالحكي.”

لو كان رياض شرارة لا يزال حياً، ماذا كان سيفعل برأيك؟       

كان لزم بيته، لأنه رجل مهني homme de metier، رياض شرارة لا يتكرر، بالعفو من الجميع لن يأت أي أحد مثل رياض شرارة أبداً. رياض لم يكن يمثّل على الناس ولم يكن يتفسلف عليهم، كان ينقل لك المعلومة بضحكة وبسمة.

ولم يكن يأتي بالناس لكي يبهدلهم على الهواء…
برافو، كنت جداً معجبة به وأقول: يا رب ما هذا الاسلوب الفظيع الذي يتمتع به، كان يوصل المعلومة من دون تفلسف. في حين نرى اليوم كيف يقفون ويتفلسفون ويعتبرون أنفسهم أنهم Brad Pitt   ما هذا؟؟ عيب

ما هذه “التأتأة وتعتعة” اليوم حين نشاهد شاب أو صبية لا يتجاوز العشرين سنة، هذا المقدّم ماذا لديه من خبرة لينقلها الى الناس، ماذا يعرف، لا يتمتع بأي مخزون فكري backround  ولا اي شيء، يكون قد تخرج حديثاً، لأ، لأ ،ما يحصل غير مقبول.

برأيك، من هو المسؤول عن تردي هذا القطاع؟

أجابت بصوتٍ مرتفع بدا كصرخة أرادت اطلاقها أو ناقوس خطر من خلال هذا الحديث:” إعلامنا في خطر، “إصبري، طولي بالك بعد سنتين لن أقول لك ماذا سيحصل بالاعلام” تذكريني..”

ماذا سيحصل، هل سيهبط أو أنه سيعيد مجده الذي فقد بسبب المتطفلين؟

أعرف شيئاً لن أقوله، لكنني أكرر أن الوضع الاعلامي غير سليم، وأسأل: هذا العدد الهائل من القنوات التلفزيونية والاذاعات والمذيعات الى أين سيؤدي؟ لا أعرف، بيناتنا البلد رايح عل انهيار.

  • رياض شرارة هو الذي اخترع البث المباشر

كما في الدراما كذلك الاعلام يأتون بوجوه جديدة لا يركزون على الممثلين القديرين بل على الذين يتمتعون بشكلٍ جميل ويقال ان الفضائيات تريد ذلك؟

نعم، الفضائيات خربتنا، لكن الجمهور مثقف وليس غبياً فهو لا يتابعهم.

لنعتبر أن رياض يشاهد هذه البرامج وهؤلاء المقدمين، برأيك أنت التي كنت تعرفين طريقة تفكيره، فرضاً أنه لا يريد أن يبقى ساكتاً  ويريد تصحيح الأمر، ماذا كان سيفعل؟
برأيي، كان يجب أن يصبح وزيراً للاعلام أو أن يكون في منصب عالٍ أو مستشاراً في التلفزيون، ليستطيع فعل ذلك، الا أنه توفي باكراً للأسف، كان باستطاعته أن يعمل حتى بلوغه عمر الثمانين. لكن domage.

ما هو الامر الذي كان يزعجه أو يغضبه؟

الجهل،

ماذا تتذكرين كنهفات أو كلمات كان يقولها غير “تقبريني” و “عطيني بوسة” او “تعليقات على الحماة”، وكيف كان يتصرف مع فريق العمل في الكواليس.

بالنسبة لتعامله مع فريق العمل، كان شخصاً قريباً من الجميع ومتواضع يمزح مع الجميع ويخبرهم نكات يضحكهم “ما معقول شو هالزلمة الغريب والمحب”. الى ذلك، كنت تجدين في حوزته دائماً حقيبة فيها كل ما تحتاجينه، كانت بمثابة ” صيدلية” اذا قال له أحد رأسي يؤلمني يناوله حبة دواء، او اذا جرحت قدم أحدٍ كذلك الامر كان يجد عنده العلاج، كان “صليب الاحمر”. تتوقف لتعود وتتساءل، “كيف لم ينتبه لنفسه يا عمي لا أعرف..”

رياض شرارة لا يتكرر

برأيك، من تجدين أنه ممكن أن يكون خلفاً عنه؟

لا، لا، يه يا حرام، بحياته لم يتكابر على أحد، ولم “تكبر الخسة برأسه” هو الذي كان يسرع ليلقي السلام على الناس، في حين ترين اليوم، كل من يصور اعلان على التلفزيون لا يعود يتحدث الى أحد، هناك مرة دخل شخص ولم يسّلم سألت من يكون؟ قالوا لي هذا الذي صوّر اعلان “للأحذية”، بطل يحكي مع العالم.. ما هذا ما أن يظهروا على الشاشة حتى تكبر الخسة في رأسهم ولا يعودوا يقولون “بونجور” للعالم، ما هذا، يا عيب بشوم.

riyad_sharara_hajjar

أي من البرامج تتابعين؟

لا أتابع أحداً، لم يعد هناك برامج كتلك التي كنا نقدمها. اليوم المذيع ليس لديه أساس بينما في الماضي كان هو الاساس. كنا نحفظ كل شيء وكنا ارتجاليين اليوم يقفون امام ال Lecteur ويقرأون ، اين هي الرجولة في قراءة ما هو مكتوب أمامك؟ تصوري حتى النكتة تكتب لهم.

لكن اسمعي، أنا لست ضد، أنا أيضاً حالياً أقرأ، في برنامج “صوتك شغلة” قلت لسيمون أسمر أطال الله بعمره، قلت له “حلو، خي هذا الامر سهل جداً، أكتبوا لي..” قال لي: هل كنت تقرأين؟” تأملي، ما يعني حتى لو كان مكتوباً أمامك يجب أن تعرفي كيف تقرأين، يجب المحافظ على العفوية.”

 

سميرة اوشانا

الهديل

2015

اقرأ الآن