YOUTUBE
Twitter
Facebook

على الرغم من وباء الكورونا الذي شلّ العالم، وعلى الرغم من الظروف الصعبة على الصعيد الصحي والاقتصادي الا أن شركات الانتاج استطاعت أن تصور عدداً لا يستهان به من الأعمال الدرامية لعرضها في شهر رمضان وتسجل بذلك منافسة قوية وشريفة.

عندما شاهدت مسلسل “لا حكم عليه” وأبديت اعجابي بالعمل ككل من كتابة الى تمثيل الى اخراج، قالت لي خبيرة التجميل رولا سليمان، سانتظر رأيك بمسلسل “عشرين عشرين”.

وكان العرض المنتظر…

بعد أن أعدّت شركة الصبّاح اخوان عدتها واختارت فريق العمل الذي سينجز عملاً درامياً كتب بإتقان، قضيته الحرب القائمة بين دولة القانون والعصابات المتفلتة والمقيمة في حيٍ فقير،. عصابة مموهة ببائع الخضار وصاحب أيادي بيضاء يقدم أعمالاً انسانية  تخدم مجتمعها المحتاج الى لقمة عيش.

لتتحدى الشركة بهذه “التحفة”  الفنية أضخم الأعمال العربية في شهر رمضان 2021.

الكل خرج من جلده، وخلع رداءه العتيق، لينطلق في انجاز عملٍ الغلط فيه ممنوع، من الكتابة السلسة الى الاخراج المتقن الى التمثيل المرن،  الجميع كان على كامل الاستعداد وكان مسؤولاً مباشراً عن نجاح آدائه، ، فالمنافسة شرسة، والمواهب كثيرة والاحتراف مؤهل لصناعة أعمالٍ درامية تنافس هوليوود العرب.

قصي خولي يعلّم التمثيل

قصي خولي خلع ربطة العنق والبدلة الرسمية ال signe ونزل الى الشارع ودخل زواريب الحي، صعد أدراجاً محفوفة بالمخاطر ونزل تحت الأرض حيث الأعمال المشبوهة قائمة على قدم وساق بعيدة عن كاميرات النقيب سمر المراقبة لتحركات الحي المشتبه به…. ولغة الجسد  كانت هي الحكم لتمرير الشخصية المكتوبة على ورق لتصبح من لحمٍ ودم.

قال قصي عن شخصية صافي التي قدمها أنها استفزّته عند قراءته للنص، (كتابة بلال شحادات ونادين جابر)  وذلك بسبب أسلوب كتابة تلك الشخصية، ما دفعه للتحضير لها قبل تجسيدها، تحت ادارة المخرج المبتكر (فيليب اسمر) صافي الذي لا يثق بالآخرين ويحمل الكثير من التناقضات وقع في حب النقيب “سما” التي قررت إكمال مسيرة شقيقها الضابط جبران (رامي عياش) الذي قتل على أيدي شقيق صافي (جنيد زين الدين ) والهارب من وجه العدالة.

قصي بعد أن حضّر نفسه للشخصية من الشكل الخارجي، كان عليه أن يتقمصها من الداخل، فهو رجل عصابات يشغل صبايا يفتقدن لأوراق رسمية، أو حتى متورطات بأعمالٍ مخلة بالآداب، تحت الأرض في الممنوعات ويلبس ثوب الرجل الصالح والمحسن وهو الأبن المطيع الذي يقدر ويحترم والدته الحجة (رندة كعدي)، وايضاً هو الرجل القبضاي الذي يهاب غيظه أهل الحي. انه كل هذا، خليط من الرجال في رجلٍ واحد، لغة الجسد لديه كانت في أعلى درجاتها لا سيما عندما أراد أن يكون ممثلاً ويلعب دور الرجل الذي فقد رسمية (كارمن لبس) وخائف عليها من خاطفيها،  “رح علمهم التمثيل” قال،  وكأنه يقولها في الحقيقة للممثلين الدخلاء والطارئين على هذه الصناعة التي لها أربابها. فكان ذلك الممثل الذي يمثل على محيطه وشارعه وحبيبته التي اعتبر أنها غدرت به، وسقط أسير حبها.

اذا أردت اختصار الحديث عن آداء هذا الممثل المبدع قصي خولي الذي لا يشبه إلا نفسه، فأستطيع أن أقول أن آداءه يجب أن يدرّس في كليات الفنون الجميلة.

قهوة حياة “منهنهة”

أما نادين نسيب نجيم التي بدورها أتقنت دورها وكسرت التهمة  التي رافقت كل ملكة دخلت عالم التمثيل، لتبرهن أنها ممثلة بالفطرة والخبرة معاً، لقد أثبتت نضوجاً درامياً لافتاً، لا سيما أنها لعبت دورالمرأة  القوية الضابط التي تتلقى وتصدر آوامر في الآن معاً، والمرأة المعنفة الهاربة من عنف شقيقها (وسام صليبا) الرقيب الذي تنكر بدور ايمن، والتي تجيد الطبخ وتحضير ورق العنب وطبخها  وتقديم القهوة “المنهنهة”.

أما كارمن لبس (مكتومة القيد)   بدور رسمية التي تفتقد كل الاوراق الرسمية، تلك المرأة الغامضة والصامتة والقاسية، اليد اليمنى لصافي في ادارته لشبكة المخدرات، والعاشقة لحبيبٍ اختار الابتعاد عنها (فادي ابراهيم) فظهورها في هذا العمل، بالاضافة الى النجاحات العديدة التي حصدتها سابقاً، إلا أن هذا الدور الذي أزاح عنها مظاهر الجمال والانوثة التي تتمتع بها المرأة، سيعلم في ذاكرة المشاهدين، لدى متابعتي لها تذكرت كلام الممثلة الشابة ستيفاني سالم  في لقاءٍ سابق معها حين قالت ” ان كارمن لبس هي مثالي  الاعلى في التمثيل أتمنى أن أصبح مثلها.”

لكن الحجة (رندة كعدي) التي تألقت نجومية في ثلاثة من الأعمال  الدرامية التي حصدت  هذه السنة على مشاهدة عالية، لقد كانت مقنعة الى حد التصديق أنها تلك الحجة، كبيرة البيت، التي يكن لها أولادها كل التقدير والاحترام و”كلمتها ما بتصير تنين”، التفاصيل الصغيرة التي صقلت الشخصية تقول رندة  عنها “أنها كانت بناءً لتعليمات ابنتي تمارا – كريستينا حاوي الكوتش الملازم لي منذ تخرجها باختصاص “اعداد ممثل” هي الطبخة التي تغوص معي الى داخل الشخصية بالهوية التي لا تشبه أحدا”.

حقاً الاحترافية تعدي، وكل من شارك في هذه التحفة الدرامية كان محترفاً.

فالممثل فادي ابي سمرا بدور (سلطان) الذي يمتلك ملحمة في ذلك الحي الشهير الذي شهد على أحداثٍ كثيرة، وأصبح سلطاناً عليه بعد كشف حقيقة صافي، ممثل خطير يمتلك كل عناصر التي تؤهله لتصنيفه ووضعه في خانة الممثلين الهوليووديين.

أما الممثل بيار داغر الذي أعتبر مشاركته قيمة مضافة في كل عمل، كنت أتوقع أن تكون مساحة دوره أوسع للاستفادة من خبرته وآدائه المميّز، كذلك الممثل السينمائي فؤاد شرف الدين كان سيكون دوره أكثر جزرياً لو أعطى الكاتبان دوراً فعالاً لهذه الشخصية ومساحة تليق بخبرته الطويلة، ولا يقتصر دوره برجل عسكري متقاعد محصور بالاب الذي يشجع ابنته لآداء مهمتها بسرية تامة، والتخفيف عن خوف زوجته (ريموند سعادة عازار)  التي خسرت ابنها  ولا تريد فقدان ابنتها الوحيدة وحفيدتها (تالين ابو رجيلي).

كذلك جناح فاخوري بدور “الحماة” التي عرفت تماماً كيف تؤدي هذا الدور، ربما من الأجدى إعطاء مساحة أوسع وأكثر تنوعاً لهذه الفئة العمرية من الممثلين للاستفادة من خبرتهم ومهنيتهم.

نصل الى فادي ابراهيم بدور (الحوت) تاجر الممنوعات والمطلوب من العدالة، هذا الرجل هو ممثل قدير يعجن الشخصية  جيداً ويدخل في عمقها ليقدمها بكل سلاسة.

أما طوني عيسى (عريس الموسم)  كان لافتاً تقمصه لدوره إن كان من ناحية الشكل أو المضمون، لقد ذكرني بقميصه المزركش بتاجر وامبراطور المخدرات  الكولومبي بابلو اسكوبار.

كذلك، يوسف حداد  بدور  رجل الأمن القائد الذي خطط لعملية ايقاع رأس العصابة، فقد أتقن دوره لدرجة التصديق.

لأول مرة أصدق وسام صليبا، ان كان بدوره كرجل معلومات يلاحق الاشرار أو كشقيق قاسٍ يعنف شقيقته “حياة”.

وكأن الصدفة لعبت دورها في كتابة هذا السيناريو، جعلت من أبطال العمل أن يكونوا ممثلين مزدوجي الشخصية.

أما الاطلالة الخاصة والخاطفة للفنان رامي عياش، فكانت بمثابة ثقل وطعم لصيد المشاهد لحيازته وجعله من انصار هذا العمل.

والطفلة تالين ابو رجيلي، لقد كانت بمثابة “بونبونة” لذيذة الطعم في وسط المكائد والعنف والمخدرات،  فقد أقنعتنا تماماً بدورها كابنة تعاني دائماً من غياب والدتها، كما في كل الاعمال التي شاركت فيها منذ اطلالتها الاولى في فيلم ” السيدة الثانية”.

وعلى صعيدٍ آخر، مشاركة ماريتا الحلاني لاول مرةٍ في عملٍ درامي، كانت لافتة، يبدو أنها أقنعت المنتجين والمخرجين والمشاهدين بموهبتها.

كل هذا الاتقان والحرفية كان تحت ادارة المخرج المبتكر الذي “تنهنه” معه الممثلون حتى الذوبان في الشخصية، وبالتالي تقديم مادةٍ فنية تستحق جائزة التقدير من دون منازع.

يذكر، أن مسلسل “عشرين عشرين” هو من انتاج الصبّاح أخوان،  وكتابة بلال شحادات ونادين جابر، وإخراج فيليب أسمر.

بطولة نادين نسيب نجيم وقصي خولي ورندة كعدي وكارمن لبّس وفادي ابراهيم وفادي أبي سمرا ويوسف حداد وبيار داغر وفؤاد شرف الدين وطوني عيسى  وحسين مقدم ورواد عليو وجناح فاخوري وريموند عازار ووسام صليبا وأسامة المصري وجمال حمدان ورولا بقسماتي وجنيد زين الدين وماريتا الحلاني وقاسم منصور وكميل يوسف ومحمود كركي وتالين ابو رجيلي مع اطلالة خاصة للفنان رامي عياش.

غناء شارة المسلسل الفنان زياد برجي.

 

سميرة اوشانا

اقرأ الآن