YOUTUBE
Twitter
Facebook

عندما عزفت ريا لأول مرةٍ ربما كانت تجهل أنها ستصل الى العالمية، وتجد نفسها أمام مسؤوليات فنية جعلتها تسافر الى الولايات المتحدة، لتقدم أعمالاً تلبي طموحها.

موهبة شابة تحمل لبنان في قلبها وتطلق العنان لأحاسيسها لدى تأليفها أي مقطوعة موسيقية.

في هذا اللقاء سنتعرف الى هذه الموهبة الشابة التي تؤكد أن الموسيقي يستطيع أن يعتاش من مهنته اذا نال هذا القطاع من اهتمامٍ كما هي الحال في البلاد المتقدمة.

ريا وهّاب أنت مؤلفة موسيقية للأفلام والمسرح والحفلات الموسيقية (concert)، وحالياً، انت بصدد تحضير مشاريع عدة، منها وثائقية ومسلسل للأطفال سيعرض على نتفلكس، هلا أخبرتنا قليلاً عن هذه المشاريع؟

صحيح، أنا مؤلفة موسيقية وعازفة آلة الكمان، شاركت عزفاً في حفلاتٍ ومهرجاناتٍ حول العالم، كما عملت كموزعة موسيقية  لمسرحيات وأفلام وثائقية عديدة. أما حالياً، فأنا أعمل على توزيع موسيقى لوثائقي من اخراج Smriti Mundhra الحائز على جوائز عالمية عديدة، ومسلسل للأطفال يعرض قريباً على منصة نتفلكس و Nickelodeon.

 

هل من شروط أو معايير معينة للتعامل مع نتفلكس؟

كما في القنوات التلفزيونية والمنصات كافة، كذلك نتفلكس لديها شروط خاصة لكل مشروع، تحدد من قبل الطرفين، وحتماً علينا الاتفاق والتوقيع على البنود قبل المباشرة بالمشروع.

بالنسبة للالبوم المخصص للبنان، ما هي المواضيع التي ستتناولينها؟

تكمن الرسالة الرئيسية لهذا الألبوم في تكريم وطني الأم لبنان، الذي يمر بمحنة، ما سبق وتقدم في الجزء الاول من الالبوم كان تعزيزاً لحركة نهضوية عرفت بثورة 17 تشرين 2019  في لبنان، وهذا المقطع متوفر حالياً على منصات البث جميعها. الصرخة التي انطلقت السنة الماضية كان لا بد من أن تخرج من حنجرة الموسيقى.

أما بما يتعلق بالمعزوفات الأخرى، فهي مسجلة بشكلٍ مبدئي نتيجة العوائق التي تسبب بها وباء الكورونا، على أمل تسجيلها بشكلٍ احترافي حين تتحسن الأوضاع وتسمح لنا بذلك. المعزوفة الثانية تعبّر عن حزنٍ وهي بمثابة رثاء لضحايا انفجار المرفأ، الرابع من آب في مدينة بيروت، أما المعزوفة الثالثة فتعكس غضباً وتنفجر ثورة على فسادٍ أنهك لبنان وشعبه ودمّر أرضه، فنبعت هذه المشاعر من الغضب أحاسيس الأمل بمستقبل تعبّر عنه المعزوفة الرابعة.

في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان لا سيما اقتصادياً، ما هي المشاكل التي تواجهينها؟

طبعاً، في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها العالم نتيجة وباء كوفيد -19، الجميع يعاني، بالنسبة للموسيقيين هذا القطاع الذي يخصني شخصياً، بدوره يعاني الكثير وقد ازداد صعوبةً وتعقيداً، لقد توقف معظم العاملين فيه بعد أن تأثروا بالأوضاع الصحية والأزمة الاقتصادية، إلا أننا نتعايش معها ونأمل خيراً في المستقبل.

هل من ممّول لأعمالك؟

في الواقع، والديّ هما الداعمان والمشجعان لموهبتي، ولكن والحمدالله، اعتمدت على نفسي مؤخراً وبدأت بالتمويل الذاتي بعد شروعي بالعمل.

 

أخبرينا عن أعمال سبق وقدمتها، وهل لاقت النجاح الذي كنت تتوقعينه؟

قبل مغادرتي لبنان، كنت المخرجة الموسيقية لعملين مسرحيين عرضا على مسرح كولبنكيان Gulbenkian في الجامعة الأميركية. الأول كان اقتباساً موسيقياً لفيلم “ Corpse Bride”  للمخرجين  Tim Burton و Mike Johnson. والثاني عبارة عن اقتباس موسيقي لمسرحية “Sorry wrong number”.

قدمت LAU عروضاً مسرحية عديدة ولكن “ Corpse Bride”  كانت اول مسرحية موسيقية تعرض على خشبتها لهذا لاقت نجاحاً كبيراً.

بعد العرضين الأولين اللذين شهدا إقبالاً كبيراً من الحضور، طلب منا إفتتاح المهرجان الدولي للمسرح في الجامعة اللبنانية الأميركية.

كما أفتخر بمشاركتي في الحفلة الموسيقية التي أقيمت في قاعة Kresge Auditorium في كامبريدج – ماساتشوستس، حيث عزفت فيها على الكمان الرئيسي مع “جاكوب كولير” الحائز على جوائز جرامي عديدة، كانت تجربة رائعة، لقد وثقت الحفلة، أما الفيلم الوثائقي فقد حاز على جائزة ايمي.

الى ذلك، لقد تشرفت بالمشاركة الى جانب عازفة ال drums الحائزة بدورها على جوائز جرامي Terri Lyne Carrington التي كتبت مقطوعة في ذكرى الراحلة Gerry Allen، وأنا التي توليت توزيع القطعة المسماة “ Geri Rigged” قدمتها اوركسترا بيركلي السمفونية المعاصرة بقيادة المايسترو جوليوس بي ويليامز في الحفل الموسيقي  Celebrating Female composers.

الموسيقى التي تؤلفينها لمن هي موجهة؟ بمعنى من هو جمهور ريا؟

أكتب بشكلٍ أساسي موسيقى اوركسترا ذات تأثيرات مختلفة، على الرغم من كوني تعلمت الموسيقى الكلاسيكية، إلا أنه لدي خبرة واسعة في الموسيقى الشرقية والجاز، وأحب المزج بين أنواع مختلفة من الموسيقى لأنني أرى في هذا الأسلوب شيئاً من التغيير والإبداع، مثال على ذلك، إدخال عناصر شرق أوسطية في الموسيقى الكلاسيكية، أو مزج الموسيقى اللاتينية مع الشرقية، أو الكلاسيكية مع الجاز، لهذا، فإن جمهوري مكوّن بشكلٍ اساسي من محبي الموسيقى المدمّجة والمتفاعلين مع هذا النوع من الفن.

أنت فنانة موهوبة، ما هي الصعوبات التي تواجه المؤلف الموسيقي في لبنان؟

للأسف، يعاني الملحنون والموسيقيون اللبنانيون من تجاهلٍ كبيرٍ لفنهم، المشكلة الاساسية التي تقف عثرة في سبيل نجاحهم هي عدم تقدير الموسيقى في لبنان، بنظر الكثيرين هي مجرد هواية يتلهى بها البعض. لكنها في الحقيقة هي وظيفة ثابتة ومورد رزق مضمون، لكن مع إغفال المجتمع اللبناني لهذا الفن الجميل تخف قيمته وتنهار قوته ويفقد جماله، وبالتالي لا يعود الموسيقار يستطيع ان يعتاش من مهنته.

أنت حالياً في أميركا، هل السبب هو أعمال تحضرين لها او أنك تودين الاستقرار في الخارج؟

 صحيح، إن سبب وجودي حالياً في الولايات المتحدة هو بعض المشاريع التي أحضرها، ولكن في النهاية، أود العودة الى بلدي الأم لأقدم ما بوسعي للملحنين والموسيقيين الشباب لإحياء هذا الفن في نفوسهم، وأعيد التقدير للموسيقار اللبناني لأنه مرآة لثقافتنا وصورة جميلة عن حضارتنا، كما أتمنى أن تحظى صناعة الموسيقى في لبنان على المزيد من الاهتمام والتقدير.

 

عندما تؤلفين مقطوعةً موسيقية لعملٍ فني سينمائي أو مسرحي، هل تستوحين موسيقاك من موضوع العمل؟

في أغلب الأحيان، عندما أؤلف الموسيقى، الهامي الوحيد يكون وقوع حدثٍ مؤثر فأستوحي نبرة الالحان من مناخ الحدث، الأمر الذي جعلني أتعلق بكتابة الموسيقى للسينما والمسرح لأنني أتأثر بالقصص، أما الذي يجهل قيمة الفن الراقي وأهمية وجوده في هذه الأعمال، سوف يكتشفها لدى فقدان هذا الجمال لدى مشاهدته لفيلمٍ خالٍ من الموسيقى، عندها يكتشف قيمة الموسيقى ورونقها في عالم الاحاسيس.

ما هو رأيك بمستوى الفن بالإجمال في لبنان؟ وكفنانة، ما هو دورك لتحسين هذا القطاع؟

أنا أؤمن أن لبنان بلد حضاري وغني بالثقافة والتراث ويتميّز بعدد الموهوبين الحضاريين، إلا أنني متأكدة أنه من المستحيل أن يعتاش الموسيقي من فنه، لهذا  معظم من يعمل بها، يمارسها كهواية وليس كمهنة، والبرهان أن العديد من الزملاء والاصدقاء الذين كانوا شغوفين بالموسيقى، إلا أنهم خسروها لأنها لم تحتل المركز الأكبر من حياتهم.

ما هي الامور التي يحتاج اليها الموسيقي في لبنان؟

الموسيقيون في لبنان يحتاجون الى الكثير من الدعم من قبل المجتمع ومن وسائل الاعلام. أما على الصعيد الشخصي،  فأعتقد أنهم بحاجة للاستماع أكثر الى أنواع مختلفة من الموسيقى. قبل مغادرتي لبنان، لم أستمع الى هذا العدد المتنوع من الألحان الذي أستمع اليه هذه الفترة، لأن الابداع يأتي من هذا التنوع، ويعزز مكانة الموسيقي ويميّزه عن هؤلاء الذين لا يستمعون الى نمطٍ واحد من الموسيقى طوال الوقت.

 

في النهاية ما هي كلمتك الاخيرة للبنانيين؟ وماذا تقولين لهؤلاء الذين يفكرون بالهجرة من لبنان؟

في الختام، أوجه رسالة الى اللبنانيين وأرجو منهم الحفاظ على وطنهم الأم، لا سيما في قلوبهم، وأطلب منهم ألا ينسوا ما قدمه لبنان لنا من ثقافة وفن وتراث، علينا أن نقدّر هذه النعمة ونعمل ما بوسعنا للحفاظ عليه.

 

 

سميرة اوشانا

 

 

اقرأ الآن