YOUTUBE
Twitter
Facebook

IMG_8777

ان بلدة “الدامور” التي نفضت عنها غبار بداية  التهجير القسري الذي طالها،  هي تلك البلدة التي كانت الضحية الاولى لحربٍ قضت على الحجر والبشر، ودفعت الفاتورة الأكبر في لبنان حيث تمّ تهجير أهلها لها كلياً، تاركين منازلهم وأرزاقهم وكل ما يملكون، تستعيد اليوم حلّتها لتعود اليها الحياة بكل زخمٍ واستقرار لتصبح أنموذجاً لبلدة قامت من تحت الردم.

مرحلة “تنذكر وما تنعاد” ذهبت الى غير رجعة، بسبب رؤية حاذقة وسياسة عقلانية ينتهجها اليوم رئيس بلديتها الاستاذ شارل غفري، متسلحاً بحماسة جيل الشباب المتمسك ببلدته ليعمل على ازدهارها وتوفير  الثقة بالأمن المحاط بها لا سيما باتت  محصنة من قبل الجيش اللبناني، على الرغم من جغرافية المنطقة الاستراتيجي والحساس.

رئيس بلدية الدامور الاستاذ شارل غفري عندما يتحدث عن الدامور تنبعث منه كل الاشعاعات الايجابية والتفاؤلية نحو غدٍ مشرقٍ ولامع، في مقابلة معه وبحضور الدكتور شاكر بو عبدالله في مكتبه في نقابة الاطباء، تحدثنا عن حاليات البلدة ونفسها وروحها وشغف البقاء فيها والمحبة الموزعة في كل أحيائها، على الرغم من كل التحديات.

الرئيس والمحامي شارل ابن حليم غفري  وماري تريز قرداحي وحفيد الكاهن الياس قرداحي  يقول:” أننا نعيد الحياة الى الدامور، هذه البلدة التي يعود تاريخها الى أكثر من 2000 سنة كما جاء في كتب التاريخ، إلا أنها في التاريخ الحديث فمنطقة الدامور لا يبلغ عمرها 20 سنة، لقد ولدت حديثاً، وهي لا تزال فتية. بعد التهجير الذي دام 20 سنة هناك جيل لم يتعرف عليها. كثيرون هاجروا من لبنان، نحن اليوم في مرحلة ولادة جديدة، يعني عندما نتحدث عن البنى التحتية من (المياه والمجارير والطرقات والارصفة والمنازل السكنية كل هذا لا يزال في مرحلة “المخاض” لأننا لم  ننته بعد، لدينا أكثر من 1000 وحدة سكنية لم تكتمل بعد، الى ذلك، هناك مؤسسات نعمل حتى تنعش نفسها.

مركز البلدية انتهى تشييده حديثاً وذلك بتمويل ودعم واشراف مباشر من السفارة الاميركية والجيش الأميركي.

 

ابن الدامور يتمتع بالاكتفاء الذاتي

IMG_8765

يقول الاستاذ غفري: ان السياسة التي نعتمدها من المجلس البلدي الى كل الناس الطيبين الذين يهمهم أمر الدامور هي المحافظة على بقائنا ووجودنا واستمراريتنا بعيداً عن المشاكسات أو اي شيء يسيء الى انماء البلدة.

حين تسلّم مهامه الرئيس غفري كانت الدامور لا تزال في بداية الاعمال، معه بدأت شبكات الري والمياه والمجارير وشبكة الكهرباء وكل البنى التحتية، الا أن في العام 2006 أي “حرب تموز” كانت الضربة القاضية على شرايين الدامور، فتأثرت كثيراً البنى التحتية لا سيما هدم الجسور الذي شكل أزمة بالنسبة للدخول والخروج الى المنطقة.

IMG_8766

في هذا الشأن وبالتحديد في مرحلة 2010 و6 201 التي اعتبرت مرحلة النهضة بالنسبة للدورات الثلاث التي استلم فيها الاستاذ غفري: الدورة الاولى كانت عام 2004 ، الدورة الثانية 2010 والدورة الثالثة 2016، يقول الاستاذ غفري، خلال السنوات الست، كانت مرحلة اعادة الاعمار بشكل جيد جداً حيث أعدنا تثبيت البنى التحتية من جديد، كما عملنا على توفير الكهرباء 24 ساعة  وانارة الطرقات، وهذا ما وفّر عامل الثقة وراحة أمنية لا سيما وجود الجيش اللبناني والقوى الامنية وفرّا الامن والاستقرارفي المنطقة. بالاضافة الى الاستقرار الامني، هناك الاستقرار الاجتماعي والتربوي،  وفي هذا المجال يضيف الرئيس شارل غفري قائلاً:” أصبح لدينا مركز للاسعاف والطوارىء والصليب الاحمر، ومن الناحية التربوية يوجد في الدامور مدارس عدة من كل المستويات منها رسمية ومنها خاصة، كذلك الامر بالنسبة للتعليم الجامعي، فالجامعات متوفرة من اللبنانية والخاصة.

إذا، ابن الدامور أصبح لديه الاكتفاء الذاتي اذا كان لا يريد الخروج من الدامور، يستطيع ذلك فكل  شيء بات متوفراً لديه.

ما هي الصعوبات التي واجهتكم؟

“القلة” يجيب الاستاذ غفري:” كل المشاريع والبنى التحتية التي نفذت بمساعدة وتمويل المؤسسات المانحة، ومشروع إعادة بناء الدامور والصندوق السعودي والكويتي.

 

قلق ابن الدامور هو نفسه قلق ابن جديدة وجونيه

 

ابن الدامور الذي عانى في الماضي من ظلم التهجير، كيف استطعتم إعادة الثقة اليه ومحو هاجس التهجير من رأسه؟ وهل لديه تخوف معين؟

“أنا أعتبر اليوم أن الخوف في الدامور  هو نفسه في جونيه، كل المناطق أصبحت مفتوحة على بعضها، لم تعد مقولة “ان يخاف ابن الدامور ولا يخاف ابن جديدة”،برأيي، كل الناس من كل الطوائف خائفة من هذا القلق الاقتصادي والامني والسياسي وكله مرتبط بالمحيط.”

يضيف:”هناك كثيرون اشتروا واستملكوا في الدامور لأسباب عدة، أولاً، الاسعار أقل ارتفاعاً من بيروت، ثانياً، المسافة ليست بعيدة عن العاصمة وثالثاً، سياحياً هي منطقة جميلة لا تزال تحافظ على طابعها التراثي وخصوصيتها وجغرافيتها.  وابرز ما نعمل عليه هو  الحفاظ على ثقافة الدامور وأصالتها.

 

كيف عاشت الدامور زمن الميلاد؟

زمن الميلاد جميل جداً، لانه زمن فرح ولادة الحياة والتجدد.  الى جانب البلدية هناك مؤسسات اجتماعية وخيرية نحب أن تلعب دورها ويهمنا أن تقوم بمهامها، خصوصاً في هذه المرحلة لانهم يتفاعلون مع المواطنين والمجتمع، مثال على ذلك، جمعية” مار يوسف الخيرية” و “ Arc en ciel”  والكشافة والصليب الاحمر والأخوية، كل هذه المؤسسات تحمل طابعاً اجتماعياً وانسانياً ودينياً، نحن الى جانبهم في كل نشاطٍ ترفيهي أو خدماتي يقومون به.” بالنسبة للزينة أردناها متواضعة لانه بصراحة فكرنا بالتوسيع لكن رأينا من الحكمة أن يكون الاستثمار للبشر، الاولوية أجدى أن تكون للانسان، قيل لي:”  في احدى المناطق بلغت كلفة زينة الشجرة مليون دولار، حرام،  في حين نستطيع ان نوزع بقيمة هذا المبلغ، أكثر من 10,000 حصة ما يعني 10 الآف عائلة تستطيع أن تعتاش منها وتفرح ليلة الميلاد أو ندفع أقساط مدرسية لطلابٍ لا يستطيعون تغطية نفقة دراستهم. مع الاشارة أن يسوع المسيح ولد في مغارة متواضعة.”

15672812_365416463819344_2483874361173687795_n

من جهةً ثانية،  أجواء العيد تعيشها الدامور من خلال النشاطات التي تقوم بها لا سيما الاحتفالات الدينية مع الاشارة الى أنها أنموذج للمنطقة المسيحية، فالى جانب برنامج القداديس التي تقام في الكنائس الخمس الموجودة في المنطقة  (كنيسة مار الياس، السيدة، مار مارون، مار مخايل وكنيسة مار بطرس وبولس) تقام أنشطة من وحي الاعياد الميلادية التي تستمر حتى عيد الغطاس، وتوزع الهدايا لأطفال الرعية وذلك كما أشرت بالتعاون مع الكشافة والمجتمع المدني بأكمله يعمل بالتعاون مع البلدية لزرع الفرح وأجواء الميلاد الدافئة.

ما هي المشاريع المستقبلية؟

تجميل الدامور، لقد انهينا مرحلة “اعادة البنى التحتية” حالياً نريد أن نصقلها فوق الارض ونجعل منها بلدة جميلة، وذلك بدءًا ب”التزييح” والتشجير ووضع “الآرمات “واذا استطعنا أن ندهن البنايات التي هي على الباطون، إلا أن هذا المشروع مكلف، لكننا سندرسه ونعمل على تحقيقه.  كما سنتابع وبالتعاون مع  UNDP ووزارة البيئة والزراعة وجمعية جزور لبنان لاستكمال مشروع  إنشاء غابة صنوبر، وقد  بدأنا به  وزرعنا 12000 شجرة.

IMG_8759

ماذا عن النفايات، هل وجدتم الحل لهذه المشكلة؟

نعمل مع Arc en ciel  على مشروع “ادارة النفايات المنزلية”، بدءًا من فرزها الى تدويرها….

IMG_8772

ماذا عن الوجود السوري، هل يشكل خطراً على أبناء المنطقة؟

أساساً وبسبب وجود سهل الدامور، كان ولا يزال يعمل لدينا مزارعون سوريون يعملون في الزراعة، هؤلاء حالياً أتوا بعائلاتهم لذا، اصبح عددهم ما يقارب ال 700 أو 800 ، كما هناك من استأجر ويعمل في محلات، النزوح السوري ليس قوياً في الدامور، لذا، ليس هناك من تخوف من هذا الوجود، وهم لا يشكلون خطراً.

 

الأكثرية الصامتة

معروف عنك، انك من الاشخاص الذي يحبون أن يساعدوا من دون إثارة ضجة، هذه الصفة أصبحت نادرة لدى البشر؟

لا، هناك كثيرون يحبون أن يساعدوا من دون أي يفتعلوا اي ضجة ولا يحبون الظهور، وهم “الاكثرية الصامتة” أو الخجولة، كما هناك أشخاص يحبون أن يثيروا الضجة حول عطائهم…، شخصياً، انطلاقاً من ايماني المسيحي أقول:” من يريد أن يساعد يجب أن يطبق ما يقوله الانجيل “لا يجب أن تعرف يدك اليسرى ماذا أعطت يدك اليمنى.” هذا هو الاصول،  ولا يجب أن نأتي بالتلفزيون ليصور وأنا أعطي لاحراج الاشخاص المساكين، هذا لا يسمى عطاءً بل هذه تمثيلية.

IMG_8779

 

 

سميرة اوشانا

اقرأ الآن