YOUTUBE
Twitter
Facebook

الراحل الدكتور قسطنطين زريق

في سياق الاحتفالات بالذكرى السنوية المئة والخمسين لتأسيس الجامعة الأميركية في بيروت  (AUB)، وبالتعاون مع مؤسسة قسطنطين زريق الثقافية، عقدت الجامعة ندوة بعنوان “في ذكرى قسطنطين زريق”، استمرت ليوم واحد وترافقت مع افتتاح معرض لمجموعات أرشيفه تبرعت بها عائلته مؤخراً إلى الجامعة.

قسطنطين زريق من مفكّري الجامعة الأميركية في بيروت الذين صنعوا التاريخ. وهو معروف كواحد من أوائل رواد القومية العربية وكباحث واسع الاهتمامات له تأثير بعيد المدى على الجامعة الأميركية في بيروت ولبنان والمنطقة. وهو أول من وضع مصطلح النكبة لنزوح الفلسطينيين عام 1948، وطوّر أفكار مثل “المهمة العربية” و “الفلسفة الوطنية”. وكان الدكتور زريق نصيراً قوياً للإصلاح الفكري في المجتمع العربي، مشدداً على الحاجة إلى العقلانية والثورة الأخلاقية.

وقالت عميد كلية الآداب والعلوم في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة ناديا الشيخ في افتتاح الندوة أن قسطنطين زريق كان مفكراً للصالح العام بامتياز، وأكاديمياً منغمساً تماماً باهتمامات الحاضر والمستقبل في مجتمعه العريض. وقالت أنه كان رائدا في ما ينبغي أن يكون عليه الأكاديمي الإنساني الحقيقي: معلم متميّز داخل الصف، ومثقف يعمل للصالح العام خارج الصف. وقالت: “في بداية القرن الواحد والعشرين، حريٌّ بنا أن نحاكي العمالقة الذين صنعوا القرن العشرين.”

هذا وقد شارك باحثون عالميو المستوى في الندوة التي شملت جلستين. الجلسة الأولى كانت بعنوان: “آفاق جديدة للأرشيف العربي: التحديات وعدم الاستقرار والإمكانيات”. وقد دعت العلماء إلى قراءة المحفوظات في العالم العربي من خلال عدسة “تحوّل المحفوظات”، حيث تصبح الوثائق أكثر من مجرد تخزين فتغدو موضوعاً للدراسة بحد ذاته ومنتجاً للمعرفة.

الجلسة الثانية كانت بعنوان: “القومية والثقافة والحضارة” وتناولت القضايا الناشئة عن اهتمامات قسطنطين زريق الرئيسية بالاتجاهات الحديثة في العالم العربي وخارجه، واستكشاف مختلف المعاني والاستخدامات السياسية للمفاهيم الحضارية والثقافية، و حظوظ العروبة في تجلياتها المختلفة في المجالات السياسية والتاريخية والثقافية واللغوية.

الخطاب الرئيسي كان بعنوان “قراءة زريق في القرن الحادي والعشرين”، وألقاه الدكتور عزيز العظمة، الأستاذ في جامعة أوروبا الوسطى في بودابست، وفيه سلّط الضوء على القضايا التي اهتم بها زريق، ألا وهي الدين، والمذهب، والقومية التي سادت العالم العربي في أوائل القرن الحادي والعشرين وقيّم أفكار زريق وتطلعاته إزاء الاعتداءات العسكرية والردود الخلافية في الآونة الأخيرة.

مجموعة أرشيف قسطنطين زريق

معرض مجموعة أرشيف قسطنطين زريق يغطي قاعة محمود ملحس للعموم  في مبنى وست هول. والمعرض يسعى لتحقيق  هدفين رئيسيين: الأول هو تسليط الضوء على المسار الغني والمتنوّع للدكتور زريق ومختلف جوانب مشاركته مدرسا، وباحثاً، ومعلماً، وصديقاً، ومفكراً، وباني مؤسسات، ودبلوماسي، ومتحدث فاعل، وباحث منهجي وكاتب، أما الثاني فهو تسليط الضوء على السياق الاجتماعي والسياسي والتاريخي، والواقع العربي المتغيّر بسرعة، الذي  تشهد عليه  الوثائق.

وقد عُرضت جوانب حياة قسطنطين زريق، من كتب من تأليفه وكُتُب عنه. كما عُرضت وثائق وصورمن طفولته في دمشق، ودراسته في الجامعة الأميركية في بيروت وفي شيكاغو وبرينستون وكولومبيا ومن ثم عودته إلى بيروت والجامعة الأميركية في بيروت للتعليم والخدمة. وتناول السرد مختلف مراحل حياته، معتمداً  بقدر كبير على سيرته الذاتية وكتاب الدكتور عزيز العظمة عن زريق: “عربيٌّ للقرن العشرين”.

وضم المعرض مواد أصلية من الأرشيف، بما في ذلك وثائق تتعلق بوجهات نظر زريق حول القومية وجمعية “العروة الوُثقى” وجريدتها وقوانينها. وعُرضت أيضاً رسائل موجهة إلى زريق من الطلاب والأصدقاء والزملاء الذين شاركوا في جمعية “العروة الوُثقى” من مختلف أنحاء العالم. كذلك عُرضت مراسلات بينه وبين الدكتور فيليب حِتّي والدكتور شارل مالك. وعُرضت خطب لزريق تظهر مهارته كخطيب مفوّه قادر على استنهاض مستمعيه. وعُرضت رسائل من مجموعة متنوعة من الأفراد من أواخر ثلاثينيات وأوائل أريعينيات القرن العشرين تُعطي لمحة عن السياق الاجتماعي والسياسي للواقع العربي قُبيل الحرب العالمية الثانية ونكبة فلسطين.

وقالت الدكتورة كوكب شبارو: “الجامعة الأميركية في بيروت هي المكان المفضل لقيادة مبادرة الحفاظ على التراث الفكري في منطقتنا، وجعل الاطلاع عليه متيسراً، وبالتالي، تشكيل فضاء يترافق فيه الصالح العام مع التاريخ العام”. وقالت أيضاً: “الأرشيف متاح ومفتوح أمام أي عقل يرغب في سبره. ونأمل أن يشكّل الأرشيف شهادةعلى قسطنطين زريق الذي  يبقى ملهماً، حتى اليوم، على الرغم من مرور الوقت وتغير الوقائع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من حولنا”.

وقال  الدكتور الدكتور هشام نشابة، رئيس مؤسسة قسطنطين زريق الثقافية : “قسطنطين كان يفكر فيسأل: إذن، ما الذي يمكن عمله؟ وتحولت أفكاره إلى مؤسسات  ستضمن تطويرها وتحقيق أهدافها”. وتابع: “مع تقدمه في العمر، أسرّ لي قسطنطين زريق أن فكره لا زال نشطاً لكن جسده لا يتمكن من مماشاته. اليوم، وأنا أرى كبار البحاثة الشباب يجتمعون لدراسة جوانب من فكر قسطنطين زريق، أشعر كما لو انهم يعطون معلمنا قسطنطين زريق  الحيوية التي افتقدها في أيامه الأخيرة “.

اقرأ الآن