YOUTUBE
Twitter
Facebook

MOKAWALA

يعتبر مصطلح ” تبييض الأموال” من المصطلحات القانونية الحديثة نسبياً، حيث ظهر هذا التعبير للمرة الأولى أمام القضاء الأميركي سنة 1982، وأصبح منذ ذلك التاريخ تعبيراً شائعاً في جميع دول العالم. الا أن عملية تبييض الأموال تعود الى آلاف السنين، فتجار الصين وقبل ألفي سنة من الميلاد كانوا يخبئون أموالهم غير المشروعة خوفاً من المصادرة من قبل السلطات.

ويعود أصل تسمية تبييض الأموال أو غسيل الأموال الى عصابات المافيا في ثلاثينات القرن العشرين، حيث سعت الشرطة الأميركية للقبض على أعضائها، ولقد تم القبض على زعيم هذه العصابات ويدعى آل كابون سنة 1931 بالتهمة الوحيدة التي أمكن اثباتها عليه وهي التهرب من الضرائب. عندها حاولت المافيا اعطاء صفة شرعية لأموالها الناتجة عن عمليات جرمية فقامت بانشاء وشراء محلات غسيل آلية (Laundering) . ومنذ ذلك الحين أطلق على الاعمال التي تقوم بها المافيا لاخفاء مصادر أموالها وتحويلها الى أموال مشروعة تسمية غسيل الأموال أو تبييضها.

aef87cb4-d578-4243-b064-9df7a7f39640_16x9_600x338

وهناك رواية أخرى، تعتبر أن مصطلح تبييض الأموال يعود الى تجار المخدرات الأميركيين، الذين كانوا يستخدمون الأطفال لتوزيع المخدرات على المتعاطين لها، وكانت النقود تتسخ من أيدي الأطفال الملوثة بالمخدرات الأمر الذي يسهّل على الشرطة إكتشاف مصدر هذه الأموال، ما حمّل هؤلاء التجار على جمع الأموال ووضعها في الغسالات لغسلها وتنظيفها.

rtxddeg-34795932

التعريف القانوني

تبييض الأموال وفقاً للمادة الثانية من قانون مكافحة تبييض الأموال في لبنان هو كل فعل يقصد منه:
– إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت.
– تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة تفرض اخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الافلات من المسؤولية.
– تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.
وقد انقسمت الآراء القانونية في تعريف جرم تبييض الأموال الى قسمين ضيق وواسع، يقتصر التعريف الضيق لتبييض الأموال غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات، من هذه التشريعات والآراء الفقهية: اتفاقية فيينا عام 1988 – قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف اللبناني رقم 673/98 ( مشروع القانون اللبناني لتبييض الأموال).

أما التعريف الواسع فيشمل جميع الأموال القذرة الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال غير المشروعة، وليس فقط تلك الناتجة عن تجارة المخدرات. حيث اعتبر القانون الاميركي لعام 1986، أن تبييض الأموال هو كل عمل يهدف الى اخفاء طبيعة أو مصدر الأموال الناتجة عن النشاطات الجرمية.

من جهته، فريق العمل المالي ( GAFI ) الجهاز التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في الأمم المتحدة، والمكلف بالتنسيق الدولي في شأن مكافحة تبييض الأموال، اعتمد تعريفاً واسعاً إذ شمل أنواعاً أخرى من المال المبيّض الآتٍ عن الاتجار بالسلاح والتهرب من الضرائب والجمارك…

اذاً باختصار ان تبييض الاموال هو كل فعل يقصد به تمويه أو اخفاء مصدر الأموال أو المداخيل الناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن ارتكاب احدى الجرائم.

ما_هو_غسل_الاموال

تصنيف الجريمة وعقوبتها

تصنف جريمة تبييض الأموال قانونياً، جريمة اقتصادية كونها تخالف السياسة الاقتصادية للدولة. مع الاشارة الى أن مفهوم السياسة الاقتصادية يختلف من دولة الى أخرى وبصورةٍ خاصة يختلف بين الدول الرأسمالية والدول الاشتراكية.
يعتبر القانون اللبناني من أشد القوانين التي عاقبت على جريمة تبييض الأموال على الرغم من حصرها بالأفعال المتعلقة بالمخدرات. لذا فرض عقوبات مختلفة، فالمواد 125، 126 و131 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف رقم 673/98، فرضت عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من خمسة وعشرين مليوناً الى مئة مليون ليرة، في حين ان المادتين 128 و129 من هذا القانون فرضت عقوبة الأشغال الشاقة لمدة لا تزيد عن خمس سنوات وبغرامة تتراوح بين خمسة وعشرة ملايين ليرة. الا أن هذا الاختلاف أدى الى الغموض حول العقوبة الواجبة التطبيق على جريمة تبييض الأموال.

12_1_2011111456AM_8887365851

كما سمح القانون بمراقبة الاتصالات الهاتفية والتنصت عليها، مع الاشارة الى حرمان المحكوم عليه من ممارسة الحقوق المدنية ومصادرة الاشياء التي نتجت عن الجرم أو التي كانت معدة لاقترافه.

من ناحيةٍ ثانية، يمنع الاجنبي الذي يرتكب جرم تبييض الأموال أو يساهم فيه، من دخول الاراضي اللبنانية لمدة عشر سنين على الأكثر أو بصورة نهائية.

تقنيات تبييض الأموال

هناك أكثر من وسيلة يلجأ اليها مبيضو الأموال، ولكن التبييض من خلال المصارف هو الوسيلة الأكثر شيوعاً خصوصاً وأن هذه الأموال هي أموال نقدية ضخمة تجد لها ملجأ في المصارف والمؤسسات المالية الأخرى.
ويتم تبييض الأموال عبر المصارف تحت ستار عمليات عدة، كالايداع وفتح الاعتمادات، الاستقراض، تحويل الأموال النقدية، طلب الكفالات، وشراء السندات والأسهم…
وتتقاضى البنوك لقاء التبييض عمولة ما بين 4 و 7 % وتصل أحياناً الى 10%.

وقد يلجأ المبيضون الى شراء السيارات الفخمة والعقارات والمعادن والتحف الثمينة بسعر أقل من قيمتها عبر دفع المبلغ بطريقة غير معلنة، أي من يد الى يد ثم اعادة بيع ما اشتروه بقيمته الحقيقية، ما يسمح بتبرير موارد ضخمة بسبل شرعية، وذلك بفضل فائض القيمة.

( المرجع: – نادر عبد العزيز شافي – ماجستير في قانون الأعمال – تبييض الأموال- منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان 2001.

– خالد سليمان – دبلوم دراسات عليا في الحقوق – تبييض الأموال، جريمة بلا حدود دراسة مقارنة. 2004.)

سميرة اوشانا

( مجلة المروج)

اقرأ الآن