YOUTUBE
Twitter
Facebook

7

القرار اتخذ واسناد دور الامير عمر  شهاب الى الفنان رامي عياش بات أمراً واقعاً. وبدأ التصوير.

في ذلك اليوم، حين شاهدت الكاتبة منى طايع الفنان  رامي عياش في الفيديو الكليب “مجنون” أخذت القرار المصيري لعملها المقبل، بأن يكون أمير ليل المشاهدين وبطل عملها الذي انتظره محبو نصوص طايع بفارغ الصبر.  “انه هو” قالت .. قررت .. فنفذت.

الفنان رامي عياش الذي راهنت عليه  طايع أصبح الامير عمر شهاب ، وأصبح أميراً لليالي اللبنانية على مدار 77 حلقة.

منذ الحلقات الاولى انهالت الانتقادات على هذا العمل المحبب على قلب منى، غالبتها إخراجية. هذا العمل الذي طال تصويره مدة عامٍ ونصف، كثيرون صفقوا له  وكثيرون تابعونه بانسجام تام مع كل الشخصيات،  وكثيرون انتقدوه.  البعض كان انتقاده للعمل موضوعياً فأخذت طايع ملاحظاتهم بعين الاعتبار ووعدت بالتصحيح للعرض الثاني، والبعض الآخر خرج عن اطار النقد المعتر ف به فنياً. فكان ساخراً فأسقط عنه رداء الموضوعية بالتعاطي مع الاعمال الدرامية، والنقد البنّاء الهادف نحو اعمالٍ خالية من الاخطاء.

34

على الرغم من كل الانتقادات على أنواعها،  الا أننا لا نستطيع أن ننكر أن رواية “أمير الليل”  سيطرت على أدمغة المشاهدين فأدمنوا عليها.

كما في الاعمال السابقة، كذلك في هذا العمل ايضاَ عرفت منى طايع ابتكار شخصياتٍ متنوعة متصارعة متناحرة وكل شخصية من الشخصيات النسائية الضعيفة منها والقوية الا أنها تشبهها في مكانٍ ما، سألتها مرة في احدى الجلسات، لو اردت أن تلعبي دوراً في هذا العمل، أي دور كنت اخترت، أجابت دور “توتو” الذي لعبته “ليلى بن خليفة”… هي لاتخفي مشاعرها،  فاذا أحبت تحب الى درجة  القتل تماما ك “توتو” التي دمرت كل من حولها حتى عائلتها من أجل رجلٍ أحبته حتى الجريمة.

22

هذا العمل بالذات تميّز بشخصيات نسائية عدة وكل واحدة منها تختلف عن الاخرى، بدءًا من زوجة الامير المريضة والضعيفة والمتفهمة والمبررة  لخيانة زوجها مع نساء البلد،  الى شقيقتها المتمردة  فرح “داليدا خليل” الغاضبة والمغرمة والارستقراطية والحاضنة لابنة شقيقتها الطفلة الجميلة (ايليج مسن) والطيبة في الوقت نفسه الى سوسن(هيام أبو شديد) الارستقراطية والمتعجرفة والساذجة التي لا تهمها الا المظاهر ولعب ال 14 مع صديقاتها من المجتمع المخملي  حيناً والمتفهمة في نهاية المطاف بعد أن شعرت أنها تخسر كل شيء، مشكلةً مع الممثل أسعد رشدان ثنائياً رائعاً، الى ناريمان (ميس حمدان) الفنانة وعشيقة رجل من طبقة لن تسمح له بالارتباط بها، الى جمال (نهلا داوود) الوفية لحبيها الذي سجن من أجلها، وهذه المرة ايضاً كانت نهلا تمثل بعينيها التي تكمن فيهما كل الاحاسيس.

15439830_1300139300052782_5553709985505264924_n

الى زوجة فارس بيك  (نغم أبو شديد) وحيدة والدها  العاقلة والرصينة والمناضلة،  الى ( جومانا شمعون) المختارة التي جسّدت دور الام القروية التي يهمها أن يكون عريس ابنتها ثرياً ليؤمن لها حياة كريمة، الى زينة (روان طحطوح) الممثلة التي جسدت بامتياز شخصية فتاة القرية البسيطة،

20 كذلك العشيقة الارستقراطية ( بياريت قطريب)  وايضا، المرأة اليتيمة والفقيرة التي جسدت دورها (لودي طايع) والتي بقيت وفية حتى النهاية للفنانة التي عملت لديها وحملت أسراراها حتى مماتها، أما الطفلة ايليج مسّن التي دخلت قلوب المشاهدين فكانت كحبة فاكهة شهية على وليمة تجتمع عليها أحقاد عصر الاربعينات بأكملها.

16472870_10154841978020140_1085865230895349237_n

…  كل هذه النماذج النسائية وهذا الغنى في ابتكار الشخصيات، أشعرتنا أن  نساء الدنيا كلها تعيش  في نص “امير الليل”.

2

في المقابل ايضاً، تنوعت الشخصيات الذكورية منها شخصية الامير (بطل العمل) التي جسدها رامي عياش والذي كانت مصرة عليه الكاتبة أنه لا أحد كان باستطاعته تجسيد هذا الدور سوى رامي عياش إن من حيث الشكل وحتى الآداء ايضاً، طبعاً حسب طايع، الى شخصية فارس بيك التي لعبها بيتر سمعان العاشق المتيّم حيناً وغير المبالي أحياناً، الى رجا الذي كان مرعباً  حين جسّد الممثل الشاب (عصام مرعب) هذه الشخصية البشعة التي كرهها المشاهد وحقد عليها،  هذا الرجل الذي كان زير النساء وأغرم بفتاة ساذجة وانتقاماً من مشاعره التي لم يعلن عنها الا بعد وفاة زوجته، كان ينتقم لنفسه  وذلك  بتحقير ومعاقبة زينة التي تزوجها تلبيةً لنزوته، ولم يعلن عن ضعفه  وحبه الا بعد مماتها حتى أصبح ضائعاً وهائماً على وجهه في أزقة وطن الاستقلال،

29

وماذا نقول عن “عدلي” الذي جسّد شخصيته المبدع  (أسعد رشدان) تاركاً  الولايات المتحدة ليجسد هذا الدور الذي أعاد مجده التمثيلي في الدراما اللبنانية. الى الممثل السوري المبرر وجوده في هذا العمل (خالد القيش) الذي كان مثالاً للرجل الوفي والشريف والذي تحمّل قساوة السجن من أجل انقاذ حبيبته. الى فراس (جهاد الاندري) الرجل الأرمل الذي أحب جمال مرتين بطريقتين مختلفتين، في المرة الاولى، احبها بأنانية لتكون زوجةً له ويكمل حياته معها للتخلص من وحدته، ومرةً ثانية، أحبها حباً من نوعٍ  آخر وهو احترام وفائها لحبيبها السجين والذي أطلق سراحه بواسطةٍ وفّرها له فارس بيك ففرح لهما باكتمال فرحة الحبيبين الوفيين في زمن الغدر والمكائد، فيظهر الوجه المثالي لرجل انساني عندما أراد توظيف منافسه في حبه لجمال.

23

بدوره الممثل المصري (أحمد كرارة) ذلك العاشق الصامت، دوره لم يكن سهلاً شكلّ ثنائياً مقنعاً مع الممثلة (ميس حمدان)  التي شرقطت كما في “عشق النساء” كذلك في أمير الليل ، كذلك المختار (عصام الاشقر) الرجل بشرواله البلدي التقليدي القروي الذي يتمتع بعزة النفس على الرغم من الفرق الطبقي بينه وبين عائله صهره.

بدوره الممثل (فادي متري)،  تماماً كما لمع نجمه في مسلسل”وأشرقت الشمس” كذلك استطاع أن يلعب دور الضابط الفرنسي المستبد الذي يستغل مركزه للوصول الى مبتغاه،  هو ايضاً، عشق حتى الجنون، امرأةً متهورة استطاعت أن تلعب بمشاعره  وتورطه بجريمة مقتل زوجها. ..

هكذا هي منى طايع دائماً تريد أن تنقل الى المشاهد أجواء الرومانسية في كل اوساط المجتمع، الارستقراطية منها والفقيرة والحديثة. ولكن،…

 

من قتل ناريمان

 11

وهنا أيضا تميّز “أمير الليل” بجعل المشاهد يسأل ويحلل بنفسه، فتركت الكاتبة للمشاهد حرية الجواب الذي قد يقنعه. من قتل ناريمان؟ هل هي والدة “بيتر سمعان” التي لعبت الدور (ليلى قمري)  أو عمه أو فارس بيك الذي وجد نفسه وباعتراف منه أمام زوجته ابنة عمه، انه لم يعد متلهفاً لها ويشعر أنه  سيتزوج “ناريمان”  العشيقة التي أنجبت له ولدا رائعاً،  رغماً عنه وليس حباً بها انما واجباً وكان الواجب ثقلاً عليه، فلما لا يقتلها ويتخلص من هذا الواجب المهلك، وقد تكون تلك الزوجة (نغم ابو شديد)  التي لعبت الدور بأقناع ليس فقط كزوجة ارستقراطية وتريد انجاب حفيدٍ لوالدها بل لانها مغرمة بزوجها حتى الذوبان لا بل حتى القتل على الرغم من هدوئها، ربما تكون هي القاتلة، قد تكون تخفي خلف هدوئها غضب شرير… أو لم لا يكون قد اتفق جميعهم على التخلص منها، لانه بنظرهم هو الحل السليم لانقاذ العائلة الارستقراطية من الفضيحة. لعبة suspence  أرادت الكاتبة أن تلعبها مع المشاهد ليشاركها السيناريو الذي يشاء.

1

خطيئة منى … حتى الاختناق

 

قال لي أحد الزملاء، انا بانتظار ما ستكتبين عن “امير الليل” مستطرداً وكأنه يوجه لي تهمة  “على كلٍ أنت تحبين منى طايع” ، أجبته أنا أحب المتفوقين في مهنتهم، وهي متفوقة في كتاباتها ولكن…

ولكن ماذا؟ أجبته:  خطيئة منى طايع المميتة في هذا العمل هي أنها لم تتعاون مع مخرج محترف بمستوى هذا النص الملوكي، كان عليها أن تتعامل مع مخرج “ملك” لكان هذا العمل أصبح chef-d’oeuvre  هذا العصر ” فهو  (من أروع القصص)  ومن أجمل ما كتبت منى، لقد غضبت كثيراً ومراتٍ عديدة سألت نفسي كيف تفرّط بهذا العمل ولم تسلمه للمخرجٍ  المناسب لهذا العمل الضخم؟

عاد ليسألني: من برأيك كان يجب أن يكون مخرج هذا العمل؟  أجبته من دون تردد: سمير حبشي، هل تتصور لو عملا معاً  لكانا أبدعا سوياً،  نص منى واخراج سمير (كانو كسروا الدني).

 قال: نعم طبعاً مستطرداً ايضاً وبالاسلوب الاتهامي نفسه، “ايه ما انت كمان  بتحبيه  للمخرج سمير حبشي.”

كان جوابي نفسه: أكيد، كما قلت لك،  احب المتفوقين في أعمالهم.

أنا أتفهم تخوف منى طايع على نصها، ربما يعود السبب الى تجارب سابقة مع تدخل المخرجين غير المبرر أو حتى بعض الممثلين الذين أعطوا الحق لأنفسهم بتحريف او تغيير نصها،  وهذا ما لم يعجبها.  أو قد تكون متمسكة بنصها وبكل حرف أو كلمة من حكايتها لانها ليست من جماعة ” delivery ” ولا تملك نصوصاً جاهزة في جارور مكتبها لتوزعها على المنتجين “كمن يوزعون ورق اللعب”، منى طايع أحبت نصّها  وتمسكت به تماماً كما الام تحب ولدها وتخاف عليه  وتعانقه حتى الاختناق.

 

 

سميرة اوشانا

اقرأ الآن