YOUTUBE
Twitter
Facebook

عندما تسمعه يتحدث عن النبيذ تلمس لديه عشقه الكبير  لهذا المنتوج الجذاب فتغوص معه بحكايات الكرمة والارض وعناقيد العنب  والدوالي المتمخترة  مع موسم القطاف الذي يعجّ فرحاً في مسيرة صناعة مشروبٍ ساحر يبعث الدفء في قلوب أبناء الأرض.

سر نبيذ “شاتو توماس” يكمن في قلب الحكاية التي تخبر عن عائلةٍ تكاتفت وخططت وأنتجت والعنصر النسائي حاضر بقوة في صناعةٍ باتت من تاريخ وعادات وطن الأرز، سر هذا النبيذ يقول المهندس جو أسعد توما هو في فرادته وتميّزة بدءًا من المواكبة الدقيقة للعرائش والاهتمام الكبير بكل المراحل التي  تجعل منه سائلاً طيب المذاق في زجاجة ساحرة فرضت نفسها على رفوف الأسواق العالمية.

من داخل “Cave” Chateau St Thomas  حيث رائحة النبيذ الشهية في كل مكان، كان هذا الحديث مع المهندس جو اسعد توما، خاص ل Magvisions:

لنبدأ من الحدث الأخير، دعوة الاعلاميين بالتعاون مع نادي الصحافة للتعرف الى صناعة النبيذ Chateau St Thomas، حدثنا عن هذه الزيارة وأهميتها في تشجيع الصناعة اللبنانية؟

اسعدتنا كثيراً زيارة الصحافيين والاعلاميين لنبيذ “شاتو سان توماس”، لنعرفهم على طريقتنا في كيفية صناعة النبيذ بدءًا من الزراعة الى الصناعة لتذوق النبيذ لنصل الى المستهلك، هذا الأمر أساسي جداً لاظهار المراحل كلها، لأن النبيذ ليس كباقي الكحول، ليس كالويسكي والفودكا والبيرة، من المؤكد لكل منتج خصوصياته، لكن النبيذ يختلف عن غيره، صناعته هي ثقافة وتاريخ وحضارة وهي جزء من ثقافتنا وحضارتنا، نحن نصنع النبيذ والعرق منذ أكثر من 4000 سنة، ويجب أن نضيء على هذا الأمر لأن العنب والنبيذ والعرق صناعة أساسية للبنان ونحن نفتخر بها في الخارج، لهذا، زيارة الصحافيين كانت جداً أساسية لكي نشجع هذه الصناعة اللبنانية، ثانياً لنشجع الناس من خلال الصحافيين أن يكون لديهم ثقة أكثر بالصناعة اللبنانية خاصةً بالنبيذ اللبناني.

 

بات النبيذ اللبناني منافساً قوياً للنبيذ العالمي، ما الذي يميّز “سان توماس”  الذي أسسه الوالد سعيد توما، عن غيره؟ وكونك مهندس زراعي ما الذي أضفته الى هذه الصناعة؟

صحيح والدي  الذي كان يمتلك خبرة اكثر من 60 سنة في مجال النبيذ والعرق وفي الزراعة وتخمير النبيذ وتقطير العرق، كان هو المؤسس،في العام 1998 عرضت اول زجاجة في السوق المحلي، وفي عام 2000 بدأنا نصدر خارج لبنان، لكن من المؤكد كنا نحضر منذ بداية التسعينات كزراعة، كي يصبح لدينا عنب آواخر التسعينات، وعندما بدأنا نصدر للخارج، على اوروبا واميركا وكندا، متذوقو النبيذ أحبوا النبيذ اللبناني ونبيذنا بالذات، أكيد هذا الامر يعود بالاضافة الى الخبرة التي نمتلكها، الى الارض الخصبة التي نزرع فيها العنب والمناخ الذي هو اساسي لجودة ونوعية العنب الذي يعطينا نبيذاً ممتازاً، مثال على ذلك، ارتفاع عن سطح البحر اساسي جداً لأنه يجعل الحرارة تختلف بين الليل والنهار، وايضاً المطر والثلج اللذان يتساقطان في فصل الشتاء، فيصبح لدينا مخزون كمية كبيرة من الري في الأرض يكفينا طوال فترة الصيف، الأمر الذي يؤثر ايجاباً على النكهات التي تميز النبيذ اللبناني بها عن باقي البلدان، وما يميز سان توماس عن غيره، الانواع الجديدة التي نصنعها والجودة التي نحافظ عليها سنوياً، وما يميزنا ايضاً، أننا نبتكر انواعاً جديدة لا سيما مؤخراً، نعمل على العنب اللبناني الذي أثبت DNA خاصته أنه لبناني 100% الذي أنجزنا مشروعاً من خلاله كي نبرهن أن لبنان لديه عنب لبناني 100% تاريخياً موجود في لبنان منذ أكثر من 6000 سنة، ويوجد أنواع اخرى مثل pinonoir و mer l’eau والخلطات التي  نبتكرها تكون مختلفة عن الخلطات التي يصنعها منافسونا.

لا شك أن التحدي كبير للاستمرار في ظل الصعوبات التي تواجهها الصناعة اللبنانية، من أزمة البنزين والمازوت وانقطاع الكهرباء والتلاعب بسعر الدولار…، كيف تتخطون هذه المشاكل؟

كما باقي الصناعات في لبنان كذلك نحن نعاني من كل هذه الازمات التي ذكرتها، وهذا تحدٍ كبير، ونحن من خلال خبرة والدي الذي عاش خلال حروبٍ وتحديات اقتصادية ومالية استطعنا أن نستوحي من افعاله، وأهمها أن نبقى صامدين كشركة كي نحافظ على فريق عملنا وعلى المزارعين الذين يعملون معنا، وعلى زبائننا والمستهلك الذي يشتري منتوجاتنا، وعلى اسمنا الذي بنوه أهلنا والذي يجب أن نحافظ عليه. الازمات ستزول المهم أن نبقى صابرين لكي نستمر.

لا شك أن سهل البقاع هو الارض الزراعية المثالية لزراعة العنب وانتاج النبيذ من النوع الفاخر، ما خوّله دخول السوق العالمي، ما الذي تقومون به  للحفاظ على المكانة التي وصلتم اليها؟

سهل البقاع كتير الخصوبة ولديه مقومات  وعوامل مناخية  جغرافية عديدة  تناسب زراعة الكرمة، وهذا ما جعلنا نتميّز عن النبيذ العالمي فأستطعنا أن نخرق السوق الاجنبي ليصبح اسم لبنان موجوداً على خريطة النبيذ العالمي، وهذا أمر نفتخر به كصنّاع النبيذ. وللحفاظ على مكانته، نشارك  في المعارض الدولية  حيث يتفاجأ الزائرون بنكهة النبيذ اللبناني الطيّب.

حدثنا باختصار عن المراحل التي تمر بها صناعة النبيذ.

يمر النبيذ بثلاث مراحل اساسية، وهي الاهتمام بالكرمة وصناعة التخمير والتعتيق، في الزراعة عندما نزرع شتلة العنب ننتظر نحو 3 أو 4 سنوات كي تعطينا أول حبة عنب لنصنع منها نبيذاً، كما نهتم بالزراعة بدءًا من التشحيل التي هي أساسية للفلاحة وتوريق العنب لكي تتعرض لأشعة الشمس كذلك نتابعها لمراقبتها اذا ما تعرضت لأمراض، لنصل الى مرحلة القطاف التي يجب أن تحصل بهدوء ليذهب العنب الى الخمّارة بنوعية ممتازة  وبالتالي نستطيع عصره بالمكنات التي تفصل الحبوب عن العرموش التي ترمى الى الخارج بينما الحبوب مع قشرتها وبذورها تسقط في الجرن وبالتالي في الخزان، نتحدث هنا عن النبيذ الأحمر الذي يكتسب لونه من القشور والنكهات من البذور والقشرة، بعد ذلك تبدأ عملية التخمير داخل الخزان التي تحوّل السكر الى الكحول، هذه العملية تتطلب ما بين 10 الى 15 يوم مع مراقبة دقيقة للحرارة التي لا يجب أن تتخطى 30 درجة للحفاظ على الخميرة التي تحوّل السكر الى الكحول. بعد أن يصبح لدينا النبيذ في الخزان نضعه في المكبس الذي يفصل النبيذ  الذي يذهب الى البراميل لتبدأ مرحلة التعتيق عن القشر والبذور التي تجمع مع العراميش لتحويلها الى مواد عضوية تغذي التربة في فصل الشتاء.أما بالنسبة للنبيذ الأبيض، فالعملية نفسها إلا اننا بفرم العنب نفصل القشر عن البذور ويذهب الابيض فوراً على المكبس فهو ليس بحاجةٍ الى اللون (اي البذور والقشرة) ويذهب العصير الى الخزان  للتخمير بعد ذلك يسكب في الزجاج ويباع في الاسواق. بينما الأحمر يعتق في براميل الخشب فترة 6 أشهر وسنتيين، بعد ذلك يسكب في الزجاجات لمدة سنة ونصف وسنتين، وينزل لاحقاً في الاسواق بعد اربع سنوات.

أول زجاجة نبيذ مصنعة بالكامل من العنب العبيدي عام 2012، ثبت من التحليل DNA كما ذكرتم ، انه عنب محلي 100%. ما الذي يميّز هذه الزجاجة وهذا الصنف عن غيره؟

شاركت كثيراً في معارض وحفلات تذوق في فرنسا، وفي احدى المناسبات سئلت لماذا نستعمل نحن اللبنانيون العنب الاجنبي في صناعة النبيذ ولا نستعمل اللبناني، الأمر الذي استفزني وجعلني أعمل على المشروع، وبالتعاون مع جمعية Wine mosaique التي ساعدتني بارسال عينات من أنواعٍ عديدة من العنب اللبناني الى مختبرين  أحدهم في فرنسا والآخر وسويسرا لفحص جينات الورق، فأظهرت النتائج أن “العبيدي” الذ ي أصلاً نستعمله في صناعة العرق هو لبناني 100%. هذا المشروع كان يجب أن ينفذ مع الدوائر الرسمية لأنه لبناني لا يتعلق بي شخصياً، الا أنني لم ألق أي تجاوب من الوزارات المعنية، عندها اضطريت أن أقوم بالمشروع لوحدي، وأنا سعيد بالنتيجة لأن أصبح للنبيذ اللبناني هوية، وأنا كمهندس زراعي لبناني يحب أرضه أفتخر بالانجاز الذي قدمته لأننا نتحدث عن النبيذ اللبناني في الخارج تماماً كما هو معروف النبيذ الفرنسي واليوناني….

ماذا عن الترويج للنبيذ وتوزيعه محلياً وخارجياً، وما هي مرتبته من بين الاصناف العالمية؟

طبعاً، الترويج للنبيذ في لبنان والخارج له أهمية كبيرة، وفي هذا الاطار نحن نعتمد كثيراً على دور الاعلام في لبنان والصحافيين الذين يشجعون الصناعة اللبنانية لنصل الى الرأي العام والمستهلك. أما بالنسبة للترويج خارجياً، فنحن نشارك في معارض دولية، والسفارات اللبنانية بدورها تساعدنا كما تعمل مع المنتوجات اللبنانية الاخرى مثل الزيت والمأكولات اللبنانية. الى ذلك، نقيم حفلات تذوق يشارك فيها أصحاب المطاعم والصحافيون والمستهلكون الذين يحبون النبيذ، كذلك، نشارك في المسابقات العالمية التي تقيّم النبيذ من دون معرفة اسمه أو مصدره،  Blind tastingوالنبيذ اللبناني غالباً ما ينال علامة مرتفعة،  كل هذا يساهم في ترويج النبيذ خارج لبنان وداخله.

هل من دعم من قبل وزارة الزراعة والصناعة لفتح أسواق جديدة؟

طبعاً، وزارة الزراعة تدعم من خلال المدير العام المهندس لويس لحود الذي أطلق عام 2014 نهار النبيذ اللبناني وكل سنة في بلد معين، بدأنا في فرنسا ثم المانيا واميركا وسويسرا والدانمارك مؤخراً، الوزارات تساعد حسب امكانياتها ليتعرف العالم على المنتج اللبناني بالتعاون مع وزارة الخارجية والسفارات في كل بلد التي لعبت دوراً مهماً، كذلك وزارة الخارجية تساعد من خلال الملحقين الاقتصاديين في كل بلد، بدورها وزارة الصناعة والاقتصاد من خلال تسهيل أمور الصناعيين لا سيما خلال هذه الأزمات التي نمر بها قدر المستطاع مع المحافظة على تطبيق القوانين. نحن كقطاع خاص نعاني كثيراً من تحديات وصعوبات، دعمهم أساسي لنا حتى لو كان معنوياً فهو أساسي لكي نستمر ونحن نقدّر وقوفهم الى جانبنا. إلا أننا نتمنى أن يكون هناك مزيد من الدعم وذلك من خلال مشاركة أوسع في المعارض مع تخفيض الضرائب لأننا نستورد  بضاعتنا كلها من الخارج بدءًا من الفلين الى الزجاجات والبراميل… ما يزيد كلفة زجاجة النبيذ وهذا الأمر يؤثر على المنافسة، لهذا لا نستطيع خرق الاسواق الخارجية بسهولة.

تحول “شاتو سان توماس” الى مكانٍ سياحي يقصده العالم للتذوق، هل ممكن فتح فرعٍ فرعٍ مماثل في بيروت؟

طبعاً، نحن نحب أن يزورنا الجميع هنا في البقاع لأن المكان جميل فيكتشفون ال Cave  مع البراميل ويتذوقون النبيذ ويتعرفون على العائلة التي هي خلف هذا المنتوج، ما يميّزنا أننا كعائلة أنا واخواتي وابي وامي، العنصر النسائي أساسي هنا وأنا فخور بعملهن، من الممكن أن يكون لنا حضور في بيروت.هل من كلمة أخيرة تحب أن توجهها للبنانيين ولمتذوقي النبيذ؟

أدعو اللبنانيين والمتذوقين لتشجيع الصناعة اللبنانية، لأن لدينا مكونات وصناعة يفتخرون بها في الخارج. كما أدعوا المتذوقين للتعروف على نكهات جديدة فهي تعرّفهم على قصص كثيرة، وهي دليل حضارة وثقافة معينة لجميع الأجيال وجميل التحدث عن النبيذ.

سميرة اوشانا

 

 

اقرأ الآن