الممثل أسعد رشدان: تركت الشهرة لانها مجد باطل

قد يكون قد تخلى عن جنسيته ليسجل موقفاً من الوضع السياسي والامني الفاسد الذي يتخبط به الوطن، لكنه لم يتخل يوماً عن انتمائه ووطنه.

أسعد رشدان هو صديق وفيّ، هكذا يسمونه أصدقاؤه، نتذكره جيداً في الاعمال الدرامية حيث لعب ادوار البطولة في عدة مسلسلات  ومنها  ” البركة” الى جانب منى  طايع التي اقترح اسمها يومها حين كانت لا تزال طالبة في الجامعة، واخرجه ميلاد الهاشم.

كذلك شاهدناه في “العاصفة تهب مرتين” و “إسمها لا” و “من احلى بيوت راس بيروت”…  وغيرها من المسلسلات التي صنع من خلالها شهرته والتي لم يتمسك بها ولم تكن يوماً هدفاً.

“كل صيفية بجي ع لبنان” يقول أسعد رشدان، انا ابن عمشيت، الا انني اخترت الهجرة بعد ان عرفت ان الوطن متجه نحو الانحدار بسبب الفساد المسشتري في الطبقة السياسية الحاكمة.

في المول الذي قال عنه أنه من أجمل المولات التي زارها، كان لقاؤنا مع الممثل الذي رأيت فيه كل أنواع الثورة، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والذي كتب على صفحته الخاصة على الفايسبوك: “بين الجحيم والجنة بضع خطوات”، قاصداً بالجنة المول المكان الذي تم اللقاء فيه، والجهنم كل ما هو خارج حدود هذا المكان، انظري،  كما باستطاعتهم بناء مولاً بهذا المستوى من الجمال والرقي والنظافة يستطيعون أن يجعلوا من المول الكبير “اي الوطن” جنة، لكن مصالح اللصوص والفاسدين تمنعهم.

شعرت منذ اتصالي به لتحديد موعد اللقاء أنني أعرفه منذ زمن بعيد، وأن صداقة تربطني بهذا الفنان الثائر، الذي يتمنى أن يكون محاضراً أو كاهناً يتحدث بصوتٍ مرتفع لايصال أفكاره، الصمت قاتل برأيه، وعلى الشعب أن يثور.

عندما يفتح الفنان قلبه للصحافة ماذا يقول؟

كثر هم الذين سألوني من هو أسعد رشدان، هل هذا الامر يضايقك؟ هل تشعر ان كل ما قدمته من أعمال ذهب سدىً؟

لأ بالعكس، لم افكر يوماً بالشهرة، صحيح أنني حصلت عليها لكنني أستطيع التخلي عنها ساعة أشاء، أنا لم اترك الشهرة قسراً، بل عن قناعة لانها مجد باطل، وهي لا شيء، ما يهمني أن يعرفه الناس عني أو يسمعه مني هو آرائي وافكاري ومواقفي، ولا يهمني أن يعرفوا أسعد رشدان. الشهرة أنا صنعتها وأنا أتركها، “أنا جبتا وانا بردا”. امضيت عمري ابحث عن وطن اردته لبنان، ولن يكون لبنان وطنا لاحد.

يعود ليؤكد مطلبه: حالياً ما يهمني أن يسمعني الناس كمواطن يبحث عن وطن، “ما عندك وطن ما عندك شي” هذه هي صرختي منذ 50 سنة وحتى اليوم، نحن ليس لدينا وطن ولا حتى هناك رائحة أو نفس وطن، قناعتي هي أنه في مسار انحداري مرعب ولا امل في ايقافه.  منذ 13 سنة وفي مقابلةٍ صحافية كُتبت مانشيت ” أقدم استقالتي من الوطن”، وبعد 13 سنة تخليت عن جنسيتي، ألا تلاحظين ان الاوضاع الى الاسوأ، لاحظي، هنا نحن في الجنة في هذا المكان Mall هل تعرفين أنه اجمل من كل المولات في أميركا تقريباً من كل النواحي الهندسة الشياكة والنظافة… وعلى بعد 3 خطوات هناك جهنم.

ما العمل لجعل الوطن بأجمعه جنة؟

المسؤول عن ال Mall يعرف كيف يعمل، لكن المسؤول عن المول الكبير أي الوطن يعرف لكنه لا يريد، لانه ليس في المكان الصحيح، المسؤول عن الوطن مرتهن وسيء وأزعر وسارق، والشعب ميت. ربما يجب ألا ألوم الشعب لأنه “متل ما بتفرشيلو بينام”، ما ينقص الشعب هو التنشئة الوطنية والحس الوطني والأخلاق والقيّم، فالمواطنية تبدأ بالتبلورمن عمر 3 سنوات في الدول المتطورة. واذا ما بدأوا هنا منذ اليوم بالتنشئة الصحيحة في المدارس يلزمهم 25 سنة لكي يسيروا على السكة، فكيف الحال اذا كانوا لم يباشروا بعد، الطقم السياسي ليس متفقاً على أي شيء، فكيف سيتفقون على قانون السير أو على مناهج التعليم والتربية؟ نحن أمام مشكلة كبيرة.

ماذا عنكم أنتم المغتربون، هل تعملون شيئاً من أجل لبنان؟

حالياً أنا ناشط في الجمعيات والاحزاب، وأنا كتائبي الا أنني أتعاون مع الجميع كأصدقاء للقيام بشيء يظهرنا كأناسٍ حضاريين، تصوري سئلت ابنتي في الجامغة هل لديكم “برّاد” في لبنان؟ لا أعرف كيف هي نظرتهم الى بلدنا، لذا من خلال تعاطينا مع بعضنا نحاول ابراز الأشياء الجميلة.

قال فؤاد شهاب: استطعت أن ابني دولة  لكنني لم أستطع أن أبني وطناً

متى هاجرت وهل تفكر يوماً بالعودة؟

عام 2002 أخذت القرار بعد  أمور عدة حصلت في العام 2000  كالوضع الامني حين ضربت اسرائيل لبنان، وبدأ يومها المسار الانحداري. منذ زمنٍ ليس ببعيد، كان هناك رجل أراد أن يبني وطنًا ولم يوفّق في مسعاه وهو الرئيس فؤاد شهاب الذي قال يوماً : “استطعت أن أبني دولة لكنني لم أستطع أن أبني وطناً.”  الاوتستراد الذي يوصل الى الوطن للأسف ليس موجوداً.”

أخبرنا باختصار عن بداياتك؟ والكتّاب والمخرجين الذين تعاملت معهم؟ والادوار التي أديتها؟

كنت ًفي السابعة عشرة حين حصلت من  ابن خالتي ناظم عيسى والد الممثل طوني عيسى على كتيّب لنصّ مسرحيّ بعنوان “البطولة الخالدة” كتابة شكري غانم، فجمعت شلة من الاصدقاء وحضّرت المسرحية اخراجاً وانتاجاً متواضعاً يومها وقدمناها في ” عمشيت” حيث نالت اعجاباً دفعنا الى تمديد العرض على مدى ثلاث ليال متواصلة، كان ذلك نهاية الستينيات، وانتقلت بعدها للعمل مع الدكتور ايلي لحود في محترف المسرح التابع لنادي عمشيت حيث قدمنا عروضا متنوعة على مدى السنين اللاحقة بمستوى اكاديمي رفيع شمل عروضا لمسرحيات يونسكو وشكسبير وغيرهما من عمالقة المسرح الكلاسيكي والمسرح العبثي .في نهاية احد العروض هنأني استاذ الدراما في معهد الفنون ورئيس قسم المسرح يومها أنطوان ملتقى وشجّعني على اﻻلتحاق بمعهد الفنون في فرن الشباك، وهكذا كان.  وكنت في دار المعلمين قدانهيت تخصصي في تعليم اللغة الفرنسية فعملت كاستاذ لغة لمدة 20 سنة. اول مسلسل لي كان ” في ظلال الحب” من كتابة مروان العبد وبطولة احسان صادق وسميرة بارودي وانا، الذي لعبت فيه دور أمير فرنسي قاسٍ ولئيم حيث كان في مواجهة الفارس العربي إبان فتح الاندلس . ثم لعبت دور البطولة الى جانب منى طايع في مسلسل  “البركة” من كتابة اندريه شاهين واخراج ميلاد الهاشم. بعد ذلك “النبع” كذلك الامر كان من بطولتي “وعيوق ورفقاتو” الى جانب الراحل ايلي صنيفر وجلنار شاهين، من اعمال مروان نجار الكاتب المثقف جداً والذي كان ولا يزال محط اعجاب لي ولمعظم الوسط الفني في لبنان والعالم العربي. وهو اليوم يجوب العالم ﻻلقاء محاضرات تطال كل المجالات الثقافية والفية وغيرها.

طموحي أن يصل البلد الى السماء من دوني

لماذا هو غائب اليوم؟

حالياً هو لا يتعاطى بالانتاج بل يكتب مسلسلات. كذلك الامر بما يتعلق بالانتاج، تصوري ان الشركات يشترون مسلسلات تركية مدبلجة باللهجة السورية، لماذا لا يشترطون بان تكون الدبلجة باللهجة اللبنانية؟ “ايه 60 سنة على هالبلد. يا عيب الشوم”، طموحي أن يصل البلد الى السماء من دوني، لكنني أراه ذاهباً الى جهنم. أنا لست متشائماَ أنا أحب الحياة، الا أنني  كنت أتمنى لو كنت ولدت في أميركا. أنا هناك رقم محترم بينما هنا الانسان غير محترم.

ما هو رأيك بمنى طايع حالياً ككاتبة؟

رأيي بها معروف منذ زمان، أقدرها كثيراً.

كيف وجدت لبنان بعد 13 سنة؟

يوجد سيارات حديثة اكثر،  مولات أكثر، ازدحام في السير أكثر، هناك “كم طريق مزبطة” وذلك حسب نشاط القيّميين على المنطقة. لكن ما كنا قد بدأنا نشهده فترة الشهيد الرئيس رفيق الحريري من ولادة دولة، بغض النظر عن رأينا به كشخص، الا أنه كان يكفيني فخراً أنه كان يؤسس لبناء دولة. كنت أعرف قلقه كانت تربطني به علاقة مميزة، وكنت غالباً ما ألتقي به، قال لي يوماً ” أنا ما بقدر كون الا لبناني، ليس لدي قيمة الا في بلدي، متل ما بفتخر بي بيتي بدي بلدي يكون متل بيتي افتخر فيه”.

وما هي قصة تخليك عن جنسيتك؟

موقف سياسي من المسؤولين عن البلد، تخليت عن الجنسية لكنني لم أتخل عن جذوري، ولا عن انتمائي ولا عن ديني وتاريخي. أنا تخليت عن ارتباطي بمؤسسة سياسية غير نظيفة فقط، قتل أعز أصدقاءٍ لي  من الرئيس رفيق الحريري الى بيار جميل الى سمير قصير، من فريق 14 آذار الذي يفكر ان يبني دولة.

ماذا أعطتك الغربة؟

أنمت في قلبي الثورة، جعلتني أكتشف حالة المواطنة في بلدٍ متقدّم.

اذا كان من أهم المنتجين في لبنان خريج السجون،
كيف تريدنني أن أكون في هذه اللعبة؟

الممثل فادي ابراهيم يفكر بالهجرة الى استراليا نهائياً، هل تنصحه بذلك؟

جميعهم سيرحلون، ينفذون مسلسلاً، وينتظرون كي تأتيهم فرصةً أخرى، حيتان المال مسيطرون على الانتاج، اذا كان صاحب أهم شركة انتاج قد دخل السجن بدعاوى ” شيكات بلا رصيد” ” خريج سجون” أتريدنني أن أجهز له اللعبة؟؟؟ هم يأكلون حصة الممثل.

ماذا تتابع من الاعمال التي تعرض على الشاشة؟ وما هو رأيك بها؟ وهل تفكر بالعودة الى التمثيل؟

أتابع من وقتٍ لآخر بعض الاعمال، لا شك أن الدراما في تقدم، يعجبني جورج خباز لديه قلق وجرح وطموح وهو فنان حساس. ليس لدي مآخذ على أحد، لم يعد هناك متطفلون على المهنة، حتى الحديثون يعملون جيداً، المخرجون والممثلون مهنيون، جميعهم خريجو المعاهد.

ما هو رأيك بسمير حبشي؟

اوه،  top top top   اشتغلت معه”.

من تلفتك من النجمات بأدائها؟

كلهن جيدات، ما تعلقيني معن. الواقع انه لم يتسنى لي الوقت لمشاهدة كل الاعمال.

ما هو رأيك بالعمليات التجميل التي تلجأ اليها النجمات، اعتقاداً منهن أنه لن ينتهي دورهن باكراً؟

أفضل امرأة وهي في ال 60 على طبيعتها، من تلك وهي في ال 40 وتلجأ الى عملية التجميل لتبدو في ال 20، أقول لهن، هذه مسخرة يجب أن تتوقف، عيب،  اللعب بالجسد ناتج عن نقصٍ في العقل.

اذا عرض عليك عمل هل تعود الى التمثيل؟

اذا بقي الوضع على ما هو عليه، فاني اشك باني سازور لبنان بعد اليوم … البلد بيسوى صفر خارج المطاعم والمولات؟

فرحت بلقائك، على أمل ان يعود ويصبح البلد وطناً، بماذا تريد أن تنهي هذا اللقاء؟

الشهرة لا تعني لي شيئاً لا حالياً ولا سابقاً، انا لا أحب التحدث عن نفسي، الا أنني أريد أن اقول أنني انسان حر، خلقني الله حراً لذا، لا شيء يقيدني،  أقول كلمتي حيث يجب أن أقولها، لا شيء يقيدني الا القانون والايمان بالله عزّ وجلّ واحترام الآخرين.

سميرة اوشانا

(الهديل)