YOUTUBE
Twitter
Facebook

1

” كفى عنفاً “، “لن أعنف لن أسكت”، “كفى خرقاً لحقوق النساء”، عبارات صرخت بها المرأة المعنفة وغير المعنفة وانتفضت على “الرجل” الفاقد لمعنى الرجولة، الفاقد للقيم والمبادىء الإنسانية والأخلافية والقانونية والثقافية… ولعل أبرز ما قيل في هذا الاطار، كرّسه الشاعر والأديب الكبير “وليم شكسبير” في قوله المأثور “إن الرجل الذي يعامل المرأة كالأميرة دليل على أنه تربى على يد ملكة”.
عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة العنف ضدّ النساء بأنه “أي إعتداء ضدّ المرأة مبني على أساس الجنس والذي يتسبب بإحداث إيذاء أو ألم جسدي، جنسي أو نفسي للمرأة، ويشمل أيضاً التهديد بهذا الإعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات، سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة” .
تعددت الأسباب وتنوعت لقضية العنف ضدّ المرأة، منها ما هو نفسي وآخر إقتصادي -مادي وإجتماعي وبيئي…

2

عُنفت المرأة وتعنف على يد “زوج” ضاقت به الحياة فما رأى فيها سوى “فشة خلق”، بدلاً عن الدعم والحنان الذي من خلالهما تسنده وتدعمه لتخطي الصعوبات والمآسي المتعددة.
عُنفت المرأة وتعنف على يد “زوج” تكتنف مشاعره وأحاسيسه إضطرابات دفينة نفسية، أثرّت على بناء شخصيته منذ نعومة أظافره، حيث تربى في بيت إعتاد فيه على رؤية “مشهد المرأة المعنفة”، سواء كانت أمه أو شقيقته، وسواء كان العنف مادياً عبر ضربها وأذيتها، أو معنوياً عبر توجيه التعابير النابية والمعيبة الى شخصها، خارقاً كرامتها وعنفوانها وقيمتها…
عُنفت المرأة وتعنف على يد “رجل” أناني وسلطوي، لم ولن يقبل بها زوجة عاملة، بارزة في المجتمع، متبوئة أعلى المناصب والمراكز في اختصاصها، تفوقت عليه في العديد من المراحل، وباتت للأسف ضحية لسوء أخلاقه وتصرفاته وغيرته…
عُنفت المرأة وتعنف على يد “رجل” لم يفهم معنى “رجولة” سوى العنف والإيذاء والضرب والتهديد والشتم والقدح والذم، ولم يفسرها سوى باعتداءاته المتكررة على زوجته. كل ذلك تحت عباءة الرجولة”.
عُنفت المرأة وتعنف في مجتمع يحرمها المشاركة العادلة مع شريكها في بناء عصري للدولة والسلطة، فتُحَارب لكي لا تتبوأ المراكز البارزة في السلطة، أليست هي نصف المجتمع، أليست هي الأم والمربية المثقفة ومعلمة الاجيال؟!
كيف تُبنى الأوطان؟ وكيف يُطلق عليها تصنيف دول ديمقراطية حين تمنع المرأة أن تكون شريكأ في بناء الوطن؟
في هذا السياق، باتت قضية العنف ضدّ المرأة آفة إجتماعية تدقّ كل باب، لا سيما بعد تمادي ظاهرة العنف الأسري، وقد توالت فصولها في وسائل الإعلام في أكثر من جريمة مروعة. من هنا، سلطت وسائل الإعلام، مجتمعة مع الجمعيات والمؤسسات الإجتماعية الحقوقية والقانونية، الضوء على هذه الآفة وضغطت بكل قواها على السلطة التشريعية التي أقرّت مؤخراً وبتاريخ 7/5/2014 القانون رقم 293 تحت عنوان “حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري” ، كما ضغطت على القضاء، ما جعله يتنبه الى وجوب تطبيق هذا القانون بتشدد ملحوظ. فيكون بذلك، المشترع اللبناني قد رسم الإطار الفانوني لتجريم كل فعل إعتداء يقع على المرأة.

4

ولكن، من المسؤول؟ أليست المرأة مسؤولة حين تسكت عن تعرضها للعنف؟ أليست مسؤولة حين تقبل وترضخ لهذا الإعتداء؟ أليست مسؤولة حين تصمت ولا تنتفض خشية من الفضيحة؟ أليست مسؤولة حين تقبل ” فتعضّ على جرحها ” ظنّاً منها أنها تحافظ على عائلتها؟!
أما المسألة الأهم التي تُطرح فهي النتائج السلبية التي تقع على شخص المرأة نتيجة تعرضها للعنف. فهل هناك أسوأ من فقدان الثقة بالنفس وفقدان القدرات الذاتية؟ هل يوجد أسوأ من تدمير أخلاقية المرأة وإنسانيتها وعدم شعورها بالأمان؟ وهل يوجد أسوأ من الشعور بالوحدة والنفي والكره؟ وهل يوجد أخطر من بيئة تهدد سلامة الأطفال وبيئة غير سليمة وغير صحية لتربيتهم فيها؟ فضلاً عن التشوهات والعاهات الجسدية والبدنية التي قد تصيب جسدها جراء الإعتداء الوحشي عليها. كلّها نتائج يولدها العنف، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، على المرأة التي تحمّلت وما زالت تتحمل حتى اليوم ما لا يستطيع تحمله أي رجل في بعض الأحيان.
إن قضية العنف ضدّ المرأة ستبقى مشكلة العصر، ما لم تكشف بنفسها عن صمتها، وتبقى مهزومة من الداخل فبل الظاهر وتشعر بالضعف والإنكسار وعدم القدرة على تحقيق الذات. لقد حان الوقت لتدرك المرأة أن الصمت لا ولن يشف الوجع، ولن يبلسم الجراح، وبأن الصمت لم يعد علامة للرضى وللأمل!
” أيتها المرأة… ثوري على الشرق… على الغرب… على الشمال… على الجنوب…، ثوري على حضارة الجسد، وكوني عقل هذا العالم”، فمن العنف ما قتل!

3

سينتيا مطر

اقرأ الآن