YOUTUBE
Twitter
Facebook

3

وكأنه فيروس أو وباء بدأ ينتشر في الأوساط الإجتماعية للحد من التكاثر السكاني, قد يكون حلاً لهذه المعضلة الكونية التي تعاني منها الكرة الأرضية، أو على الأصح لقد أصبح موضة يتبعها أصحاب الإمتيازات الخاصة لأن متطلبات الحياة العصرية تقضي الانطلاق بالحرية من دون قيود لتحقيق الذات.

قد يكون حلاً في بعض الحالات وقد يكون كارثة في حالات أخرى، لكن هناك حقيقة واحدة يجب الإعتراف بها وهي انفصال شخصين كان على الأرجح أن يكونا جسداً واحداً وروحاً واحداً، يفرحا معاً ويتألما معاً. الا أن واقع الحال هو مخالف لهذا الأمر فأصبح كل واحد منهما يذرف دموعه لوحده ويضحك لوحده بعد سنين كانا قد تواعدا على أن يبقيا على العهد مهما كان…. فكان .. ما لم يكن في الحسبان وما لم يكن مدرجاً في برنامج حياتهما معاً…

أين يقف الدين من هذه الآفة الإجتماعية، ما هي نظرة القانوني في أحكام الأحوال الشخصية؟ وما هي سلبيات وايجابيات الأمر الواقع اذا كان هناك من ايجابيات نتيجة الطلاق الحاصل ضمن عائلة كانت في الماضي القريب متماسكة ومتحابة على الصعيد النفسي والاجتماعي؟
حقاً الشيطان يسكن وبكل قوة في التفاصيل.

Family argument

عندما تتكلّم الضحية

قالت السيدة ر.خ. وبحسرة على ماضٍ كان بالامس جميلاً: ” … لقد تغيّر كثيراً لم يكن بهذه الأطباع، كان انساناً رقيقاً ومهذباً، انما بعد أن تعرّف على احدى فتيات الهوى، تغيّر وأصبح يتغيّب عن المنزل من دون سببٍ وجيه، ولم يعد يقوم بأبسط واجباته العائلية إن كزوج أو كأب، وهذا بعد مرور 10 سنوات على زواجٍ مثالي، فوقع ما كان مستبعداً أن يحصل بيننا، الطلاق وذلك طبعاً بسبب خيانته الزوجية…”

أما ك.ب. فتقول: “… غيرته عمياء لدرجة الشك القاتل، لم أعد أطيق هذا الأمر غيرته مرضية علماً أنها غير مبررة ، لقد انقلبت حياتنا الى جحيم لم اعد أحتمل هذا الوضع، إنه ينعتني بأبشع الصفات ويهين كرامتي .. يصدق كل ما تقوله له والدته ولا يصدقني… دائماً يتهمني بأمور يتخيّلها… نحن الآن منفصلان بسبب واقعٍ أصبح جحيماً نتيجة غيرة عمياء وعدم الثقة بنفسه وبي…”

ج.ز. بدورها حالتها ربما مغايرة لكنها أدت الى النتيجة ذاتها:”… بعد أن تزوجنا بفترة قليلة ظهرت حقيقته المغايرة، وأنا التي كنت اعتقدت أنني تعرفت على إنسان مثالي، كم كنت مخطئة وغير مدركة، لقد سقط القناع بعد مرور سنتين على زواجنا.. يعود متأخراً الى المنزل ثملاً حاملاً خسارته من على طاولة القمار الى المنزل ” فيبدأ بفش خلقه فينا”، لقد عاشر أناس سوء فأصبح أسوأ منهم، بالاضافة الى كل هذا، لقد أصبح عنيفاً في المنزل ويصرخ في وجهي لأدبر له مالاً حتى يلعب أو ليعيد ما استدانه من رفاقه على طاولة اللعب… طبعاً وجدت نفسي أمام امر واقع إما إنقاذ عائلتي أو الاستمرار في تحمل مساوىء هذا الرجل الذي بنيت عليه أمالاً، وكم كنت مخطئة.. في هذا الوضع الطلاق أمر محتم لا بل هو الحل الوحيد أن يذهب كل واحد منا في طريقه. ”

اما السيد س.خ. على الرغم من الأسف على ما حصل والواقع الذي يعيش فيه فيعيد سبب الانفصال الى عنادها وعدم رغبتها في زيارة أهله باستمرار يقول:”… كانت تعاندني في كل شيء، وتعمل عكس ما أطلبه منها، الى طلباتها التي لم أعد قادراً على تحمل أعباء مصاريف غير الضرورية كل هذا أدى الى عدم التفاهم في التواصل والاستمرار فوصلنا الى ما نحن عليه اليوم.”
وحالات أخرى وأخرى مختلفة ومتنوعة في الأسباب لكن النتيجة واحدة.

أكبر من التفاصيل وأصغر من الجوهر

1-divorce-3-13-11-2015.jpg

 

ولعرض هذا الواقع المرير ولمزيد من التفاصيل حول هذه المشكلة التي تتخبط فيها العائلة التقينا القاضي في المحكمة الروحية للروم الكاثوليك، القاضي الأب جان بول أبو غزالة ليقول ما يلمسه على الأرض من واقعٍ مؤلم ومشتت: ” ان ما تتعرض له العائلة من ضرباتٍ وهجماتٍ عديدة وبشكلٍ منظم ، ليس وليدة العفوية، هناك من لديه مصلحة في ضرب هذه المؤسسة المهمة في المجتمع والتي هي ركيزة في بناء المجتمعات والأوطان مثل مؤسسة العائلة، أنا لا أعرف ما هي أهدافهم ولا أرمي اتهامات عشوائياً لكن ما أريد قوله أنها ليست وليدة صدفة، لقد ضربوا عقل العالم عن طريق الفساد والخلاعة.”

برأيك، ما هي أسباب ارتفاع نسبة الطلاق في لبنان؟
ان الأسباب عديدة، أولاً التطور العالمي الذي أغرق الناس في أمورٍ كثيرة فيسعى الانسان (رجل كان أو امرأة) للعمل ليل نهار للحصول عليها وفي النهاية ليست سوى سطحية نراه يركض لاهثاً خلف المادة، عندها يصل الى مكانٍ لا شيء يستطيع ايقافه يوهم نفسه أن ذلك من باب الطموح ويخسر ما هو جوهري. اذاً عدم القناعة التي نجدها عند الطرفين، عند الرجل الذي يفكر أن يبحث عن الفتاة المثالية التي تتمتع بشكلٍ جميل وينسى الأمور الأكثر أهمية، عقلها وطباعها وأخلاقياتها وقلبها، لذا عندما يتزوجان يستفيق على هذه الأمور فيحصل الصدام، كذلك عدم القناعة عند المرأة، عندما ترى عند الآخرين ما ينقصها فتريد أن تحصل عليه ويكون هذا على الصعيد المادي واذا كانت تعاني من ضيقة مادية هذا الأمر يولد “النقار”، الى ذلك، ان عمل المرأة ساهم أيضاً في تطوير الخلافات بين الزوجين، المرأة التي أصبحت تتقاضى أكثر من الرجل تجد نفسها تلقائياً أنها أصبحت بغنى عنه وتريد إثبات مكانتها في المجتمع، عدم القناعة عند الطرفين وسعيهم وراء NEW LIFE حياة جديدة، (بيت أفضل، سيارة أفضل وفرش أفضل) نرى الاثنين مستنفرين على بعضهما ولا يكون أحد منهما هادئاً ليتحمل الشريك الآخر.اذاً، هذه العوامل تتضارب مع بعضها البعض لينشأ الخلاف الذي يؤدي الى الطلاق. في السابق كانت المرأة تتحمّل لأن بالنسبة لها كانت الحياة عندها تنتهي الى هذه الحدود عند زوجها، بمعنى لا حياة لها خارج نطاق الحياة الزوجية أما حالياً فسلم اولوياتها شهاداتها وعملها ونجاحها في الحياة وبروزها في المجتمع، ويلعب هذا العامل دوراً سلبياً حيث يبرز الصراع بين الرجل والمرأة نحو التساوي، في حين أن هذا المفهوم خاطيء، يجب أن يكملا بعضهما لا أن يتصارعا لكي يتساويا يجب ان يكون الصراع سوياً لنربح معركة الحياة ولا نتصارع لنرى من منا سيربح، هذا نابع من عدم الايمان أن الاثنين واحد .”

divorce2

كرجال دين ماذا تفعلون حيال هذا الموضوع؟ هل تلعبون دوراً في مكانٍ ما لانقاذ الزواج؟
من الأعمال التي نقوم بها الاعداد للزواج وهو يعطي نتيجة جيدة بحيث يأتي الطرفان ليتعرفا على بعضهما لأن في خلال الفترة التي كانا يعرفان بعضهما يتعرفان على الأمور السطحية بينما في هذا البرنامج فهما يدخلان الى عمق الآخر كيانه وجوهره ويكتشفان بعضهما، وقد لاحظنا أن أقنعة سقطت، من خلال هذا الاعداد للزواج إذ بعملنا هذا نضع النقاط على الحروف ونكشف بعض الأحيان الأمور التي تواجههما في المستقبل من مطبات وحفر، هناك “كوبلات” تتراجع قبل الزواج وينفصلان وهذه علامة جيدة. ومن ناحية ثانية هناك كوبلات لديها الوعي لبعض المفاهيم فتضعها نصب أعينها وتقول “تستحق أن نكافح مع بعضنا لكي نصل الى زواج ناجح.

هل الأحكام التي تصدر عن المحكمة الروحية تنصف المرأة أو أنها تقدم تسهيلات للرجل وكأنها تساعده على التخلي عن أعباء عائلته المادية؟
في المحكمة الروحية لا يوجد رجل وامرأة يوجد انسان حقوقه منتقصة، تعمل على إعطائه حقوقه المسلوبة منه، من الطبيعي اذا كان الرجل يعمل أن يدفع هو النفقة لكن اذا كانت المرأة ميسورة وهو لا يعمل عن اي نفقة تسأل، ان الأحكام التي تصدر منصفة، واذا رأت المرأة أن المحكمة لم تنصفها تستطيع أن تطالب بحقها من خلال محاميها، المرأة لا تسكت عن حقها.”

هل الكنيسة أطلقت صفارة الانذار من تدهور المجتمع أو أنها تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحصل، بمعنى هل أنتم عاجزون عن إنقاذ العائلة من التفكك؟
كأي مؤسسة في المجتمع البشري تتعرض العائلة للكثير من الصراعات والضغوطات والتفكك وذلك نتيجة الاغراءات. الطلاق منتشر يطال كل شرائح المجتمع لأن المفاهيم والمبادىء التي انقلبت رأساً على عقب طالت كل الناس من دون تمييز من اي فئة أو طبقة اجتماعية أكانوا فقراء أو اثرياء مثقفين أو أميين. الكنيسة تعمل جاهدة بكل الوسائل المتاحة بين يديها، لكن عندما يأتي “كوبل” مقتنع بفكرة الارتباط، بعد فترة قصيرة نراه قد أسقط عنه القناع، ماذا تفعل الكنيسة!

منهم من يلجأ الى تغيير دينه أو طائفته، ما هو ردكم على هذا الأمر؟
المحكمة الصالحة هي المكان الذي عقد قرانه، قلائل هم الذين ينكرون دينهم هذا جحود بالدين، ولكن اليوم يجدون من الأسهل أن يبقى مسيحياً يكتفي يتغيير طائفته، وهذا ايضاً لا يجوز، لأن ما يحصل من اعطاء الطلاق بالسرعة والسهولة التي يتم بها أمر خطير، فغالباً ما يعاد الصلح بين الطرفين من خلال الدعوى المقامة بينهما، لذا لم لا نعطيهما فرصة لمراجعة أنفسهما.”
نعرف موقف الكنيسة من الزواج المدني، لكن مقارنة مع ما نراه يحصل أليس حلاً للحفاظ على حقوق الطرفين؟ لا سيما أن كثيرين يلجأون اليه إذ لم يعد بمقدور الزواج الكنسي حماية العائلة؟
يجيب على الفور:” للأسف بلجوئهم الى الزواج المدني يجهلون الى أين هم ذاهبون، تماماً كما المحاكم الروحية كذلك المحاكم المدنية، هناك ايضاً أسباب للطلاق، حراسة الاولاد ومشاهدة الأولاد، محامون، ملفات تتأجل وانتظار.

ما هو العمر المثالي للزواج؟
العمر هو النضوج قد تجدين فتاة عمرها 25 سنة ولا تزال تعيش عمر المراهقة وشاب في 30 ولا يزال يأخذ مصروفه من والده، لذا ما نقوله اليوم نريد أناساً مسؤولين، العمر المناسب للزواج هو النضوج الفكري والعاطفي.

 

4

لا مرجعية للأولاد

ما هي نظرتك المستقبلية لمصير العائلة ، هل أنت متفائل؟
صحيح أن هناك دورات تحضيرية، لكن في الوقت نفسه نحن أمام تحديات كبيرة تواجهنا بقوة ومجابهتنا لهذه التحديات تتصاعد يوماً بعد يوم. جزء من الزيجات ليست مبنية على أرض صلبة، والبيت المبني على الرمل يسقط ويكون سقوطه عظيماً.
مجتمعنا في خطر، في دوامة خطر كبيرة ويجب على الجميع أن يدقوا جرس الانذار. اين الأهل؟ أين التربية، أين هو الحب المضحي؟ نريد أباً يضحي وأماً تضحي.”
وخلص الأب بول أبو غزاله بالقول:” ” تحت شعار التطور، كل يوم مكنة جديدة ، تقسيط فدين يدخل الانسان في دوامة الديون، لقد أصبحت بيوتنا مستودعات DEPOT، التكنولوجيا هلكت العالم، يموت الشخص وهو لا يزال يقسط ثمن المكنات التي اشتراها ويموت وهو حتى لا يكون قد تعلم كيف يستعمل “الرموت كونترول”. المطلوب قليل من الهدوء ليعمّ الاستقرار، عندنا فوضى المجتمع فوضوي ، عائلة فوضوية أنا ادعو الرجل أن يلعب دوره كرجل لا أن يكون قابعاً في المنزل ويشغّل زوجته، وأدعو المرأة أن تلعب دورها كامرأة قبل أن تكون سيدة أعمال هي زوجة وأم وربة منزل. البيت ليس جدران وعلى الأب أن يكون لديه رهبة ليكون للأولاد مرجعية.”
7

وللاطلاع على الرأي القانوني كان لا بد من لقاء المحامية زينة روكس تنوري المجازة في القانون الكنسي والمحاضرة في مركز التحضير للزواج في مطرانية زحلة المارونية، للاجابة عن أسئلتنا ولتوضيح مسائل قد يجهلها الكثيرون فكان الحوار التالي:
نسبة الطلاق في تزايد مستمر في الدول العربية ولا سيما في لبنان، برأيك ما هي الأسباب الجوهرية لهذا التزايد؟
تجيب الاستاذة تنوري مبديةً اسفها على الوضع الذي وصلت اليه عائلات كثيرة فقالت:” مع الأسف الشديد إن الإحصاءات في المحاكم الروحية لدى جميع المذاهب المسيحية تشير الى تزايد حالات الطلاق، فسخ وبطلان الزواج . أما بالنسبة لأسباب الخلافات الزوجية فإنها تختلف حسب كل حالة بحيث لا يمكن تحديد وتسمية الأسباب الجوهرية وتعميمها على كل الحالات . بمعنى آخر لكل حالة خصوصيتها وتميّزها عن سائر الحالات ، باعتبار أن دوافع وأسباب مشاكل كل زوجين تتأثر بظروف حياتهما الخاصة السابقة واللاحقة للزواج . لذلك من الصعب حصر الأسباب العامة لانحلال الرابطة الزوجية . والجدير ذكره في هذا الإطار أنه في معظم الحالات تكون أسباب الخلاف بنظر الرأي العام نتيجة وليست سببا” بالمعنى القانوني ، كحالة الخيانة الزوجية مثلا” التي تعتبر بنظر الناس سببا” للإنفصال إنما هي في الواقع نتيجة لأسباب كثيرة يعاني منها الزوجان ولفترة طويلة نذكر منها على سبيل المثال إختلاف الطباع وعدم وجود الإنسجام الفكري والعاطفي بين الزوجين ، تأثر أحدهما بالعوامل الخارجية سواء المادية أو العائلية أو الإجتماعية وانجرافه بالمظاهر الخداعة التي تطغى على مجتمعنا في الأيام الراهنة، معاناة أحد الزوجين من عاهة نفسية أو خلل من شأنه التأثير على علاقته بالشريك… وفي معظم الأحيان تكون أسباب الخلافات سابقة للزواج ومتجذرة في شخصية الزوجين وهي تعود لمراحل الطفولة والمراهقة التي نشأا في ظلها وتأثرا بها في اللاووعي ….”

كإمرأة قانونية، هل ترين أن الأحكام أو قوانين الأحوال الشخصية تنصف المرأة؟
“إن قوانين الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية هي منصفة وعادلة للمرأة ، لكن المشكلة تكمن في كيفية تطبيق هذه القوانين من قبل المحاكم من جهة ، وفي إمكانية تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الروحية من جهة أخرى .
بالنسبة للنقطة الأولى من الثابت والمعروف أن قوانين الأحوال الشخصية تترك للقضاة سلطة إستنسابية مطلقة للتحقيق والتثبت من مدى توفر أسباب الهجر أو البطلان أو الفسخ أو الطلاق . وهذا الأمر يستلزم حكما” تجرّد القاضي والتزامه بمبادىء النزاهة والإنصاف من ناحية ، وتخصصه وتعمّقه بالقوانين الكنسية وقوانين الأحوال الشخصية من ناحية أخرى. فضلاً عن ضرورة متابعته الدائمة للتعديلات القانونية والإجتهادات القضائية والتوصيات التي تصدر عن المراجع العليا في هذا المضمار والعمل بجدّ على التقيّد بها وتطبيقها مع الأخذ بعين الإعتبار خصوصية كل حالة .
أما بالنسبة للشق الثاني المتعلق بتنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الروحية وبخاصة أحكام التعويض وقرارات النفقة والحراسة والمشاهدة واصطحاب الأولاد فالمشكلة تكمن بعدم وجود دوائر تنفيذ تابعة للمحاكم الروحية، بحيث تضطر الزوجة الى تكبّد المشقات والصعوبات عبر مراجعة دوائر التنفيذ المدنية ومخافر قوى الأمن الداخلي والمفارز القضائية للتمكن من الإستحصال على الحقوق المحكوم لها بها مع ما يستتبع ذلك من الوسائل التي يلجأ اليها بعض الأزواج أحيانا” بهدف التهرّب من دفع المبالغ المحكوم بها للزوجة كتأخيرتبلّغ الحكم الصادر بحقه وتهريب أموالهم منعا” لإلقاء الحجز التنفيذي عليها كما ولجوئهم الى الرشوة والوساطة واستعمال كل الوسائل والضغوط الممكنة …”

المحامية والمناضلة لور مغيزل، جاهدت لإلغاء بندين من قانون كانا يحدان من حرية المرأة، هل هناك محاولات لإلغاء أو تعديل القوانين التي لا تنصف المرأة؟
“قلت وأكرر أن قوانين الأحوال الشخصية والقوانين الكنسية هي منصفة بحق المرأة لكنّ المشكلة الأساسية تكمن في عدم احترام النصوص القانونية وعدم تطبيقها من جهة، وفي عدم الخضوع للأحكام القضائية الروحية وعرقلة تنفيذها من جهة أخرى.”

Bride and groom figurines standing on two separated slices of wedding cake

برأيك القانوني ما هي عوامل الوقاية للحد من هذا التزايد؟
“إن طرق الوقاية الواجب اعتمادها للحد من تزايد الدعاوى الروحية هي برأيي على نوعين :
الطرق الوقائية السابقة للزواج والتي تساهم في توعية وإرشاد الراغبين بالإرتباط. وقد قامت فعلا” معظم الأبرشيات بتأسيس مراكز التحضير للزواج حيث تقوم لجان مؤلفة من متخصصين علمانيين وكهنة ورهبان بتنظيم ندوات ومحاضرات حول المواضيع الواجب عرضها وبحثها قبل الزواج مع الراغبين بالإرتباط.
هذه المراكز تفسح المجال لتوعية الخطاب من جهة ، وللتأكد من أهليتهم للإرتباط قبل منحهم الإذن القانوني للزواج .

الطرق العلاجية اللاحقة للزواج والتي يمكن بواسطتها حل الخلافات الزوجية ومصالحة الزوجين. وهي تتمّ بعدة طرق : إما بمبادرة الزوجين أو أحدهما باللجوء الى أصحاب الإختصاص ( من رجال دين – معالجين نفسانيين – مرشدين إجتماعيين – أطباء…) . وإما بتدخل الأهل والأصدقاء لمصالحة الزوجين .
مع الإشارة الى أن بعض الرعايا تسعى حاليا” الى تأمين لجان أو مكاتب خاصة في الرعايا مهمتها حل المشاكل العائلية والزوجية .

في حالة الطلاق، من هو الضحية الزوج ، الزوجة أم الأولاد؟
برأيي الثلاثة هم ضحايا لأنهم يفقدون الثقة بالآخر والشعور بالأمان والإستقرار في حياتهم الخاصة، لكن الثمن الأغلى يدفع مع الأسف من قبل الأولاد وبخاصة القاصرين لأنهم يكونون بأمس الحاجة لعاطفة واهتمام كل من والديهما، إضافة الى أن خلافات أهلهم تنعكس بشكل مؤثر وعميق على نظرتهما للجنس الآخر وللزواج وما قد يستتبعه من معاناة ومأساة … مع الإشارة الى الحرمان الذي قد يعانون منه في حال تهرّب الوالد من تأمين حقوقهم المعيشية والتربوية أو في حال إهمال الوالدة لواجباتها نحوهم وكل ذلك بسبب غياب التعاون والتفاهم بهذا الخصوص بين الزوجين …”

بين اي طبقة من المجتمع يكون الطلاق أكثر انتشاراً، الطبقة المثقفة الميسورة أو أن هذا الأمر متساوٍ بين كل الطبقات؟
” لا تأثير للطبقية الإجتماعية على إمكانية حدوث الخلافات الزوجية إن على الصعيد الثقافي أو المادي، لأن المعيار الأساسي يكمن بمدى التزام وقناعة الزوجين بمسؤوليات وأهداف الزواج، ومدى استعدادهما لتحمّل التضحيات وتقديم التنازلات في سبيل المحافظة على ارتباطهما وإنجاحه.”

9

زلزال يطيح بالعائلة

ليكتمل بحثنا في هذه الظاهرة الاجتماعية كان لا بد من التطرق الى الناحية النفسية التي هي العنصر الأهم لقيام علاقة ناجحة تؤدي الى تنفيذ مشروع عائلة ناجحة بعناصره الأساسية، فكان الحديث مع الاخصائية في علم النفس الدكتورة ميشلين سمّور لالقاء الضوء على ما يسببه الطلاق على الصعيدين النفسي والاجتماعي وللبحث عن حلول أو علاجات تنقذ الوضع المشرذم.

أصبح الطلاق شائعاً ورائجاً في مجتمعنا، هل من أسبابٍ نفسية لهذه الظاهرة؟
تجيب على الفور:” كلمة “الرائج” بحد ذاتها سبب اجتماعي-نفسي psycho-social من الناحية الاجتماعية، لم يعد شيئ محرّم ولم يعد أحد يحتمل الآخر، أما من الناحية النفسية فلم يعد هناك القدرة على التأقلم والتحمل. فأصبح من السهل الانفصال وذلك بسبب النقص في النضج العاطفي لدى الشريكين، حيث أصبح تفكير بعض الشركاء منطلق من هذه الفكرة “حتى ولو لم نستمر سوياً ليس هناك من مشكلة،” اذاً هناك غياب للنضج الفكري والذهني. من ناحية أخرى كل واحد يأتي من بيئةٍ مختلفة وفترة التعارف غالباً ما تكون غير كافية وصالحة لهذين الشخصين فلا يتسنى عليهما بالتعرف على حقيقة بعضهما لذا، هناك قصص كثيرة مخفية من خلال التمثيل والادعاءات، فيتزوجان ويتورطان.”

ما هو تأثير الطلاق على العائلة: الأب، الأم والأولاد؟ وما هي نتائجه طبعاً على الصعيد النفسي؟
تحطيم للعائلات، بمعنى لم يعد مفهوم العائلة موجوداً، التأثير السلبي الأول فقدان لفكرة العائلة التي تجمع الشراكة والتضامن. بالنسبة لتأثيره على النساء، يعود ذلك الى طبيعة المرأة لكن إجمالاً بعد الطلاق يخلق هناك فترة “حداد” تعب نفسي، توتر إكتئاب، وهنا تعيش كل سيدة حسب قدرتها على التحمل وحسب علاقتها مع أهلها الى مدى قبول فكرة الطلاق لديها ذهنياً واجتماعياً، وماذا كان دورها تحديداً في الطلاق. هل هي التي طلبت الطلاق أم هي من النساء التي تعتبر نفسها من الضحايا لذا هذه النقطة مهمة جداً حسب موقعها تكون ردة فعلها. لكن اجمالاً عندما تكون هي طالبة الانفصال، تشعر بلذة الانتصار وأن شيئاً عظيماً حققته مع الاشارة أياً كان دورها، الا أنها في بداية الامر ستمر في فترة الاحباط والقلق من البداية الجديدة والتأقلم مع الوضع الجديد، بعد هذه الفترة تأتي مرحلة التعويض وذلك من خلال تحقيق الذات مهنياً أو البحث عن علاقةً جديدة. أما عند الرجل، بعض المعتقدات يعتبر أن الضرر يكون أقل عند الرجال ولكني أقول ان الضرر هو نفسه، إذ سيمر هو أيضاً بفترة الاكتئاب والقلق بغض النظر عن دوره هل كان هو الذي دفعها لسبب ما أو لآخر أو أنه الضحية وهي قررت الاستغناء عنه. مع الاشارة الى أنني لا أرى ضحية أنا أرى أنهما يكملان بعضهما حيث أجبر أحد الآخر على القيام بتصرف معين، لذلك هناك حد أدنى للمسؤولية عند الاثنين.
بعد فترة الاكتئاب والضياع التي سيمر بها الرجل والتي أؤكد أنه سيمر بها سيحاول التعويض ربما من خلال علاقات نسائية متعددة أو يصب اهتمامه على الانتاج المادي أو يركز على جعلها تندم كل لحظة على القرار الذي اتخذته بمعنى يشعرها دائماً بالذنب.
أما فيما يتعلق بالاولاد، يسأل الولد نفسه مع من سأذهب حتى لو كان الطلاق ايجابياً ومدروساً لأنه أحياناً نرى أن بقاء الشريكين سوياً سيكون أكثر كارثياً من الانفصال، على الرغم من ذلك الولد بحاجة لصورة أنثوية وصورة ذكورية مثالية. من الطبيعي أن الولد سيمر بفترة احباط وسيجد نفسه فجأةً أنه كان في كنف عائلة وفجأة خسر أسرته لم يعد هناك أب وأم، هذا الشخص الغائب سيترك فراغاً كبيراً في حياته، ولكن اذا عملنا على مساعدته يخرج من حالة الاحباط التي لا بد أنه يمر بها، بأقل ضرر ممكن.”

ما العمل لتجنب السلبيات الناتجة عن الطلاق؟
ان الارشاد الزوجي مع مختص نفسي لتحضير الشريكين على الانفصال بأسلم طريقة وبكل احترام ممكن، وأهم من ذلك تحضير الولد ليعرف جيداً أن لا ذنب له في هذا الطلاق، الاولاد بحاجة لمرافق نفسي ولا يجب إهمال هذا الموضوع يجب أن يتحضّر الولد وعليه أن يعرف أن حياته ستستمر وسيبقى هو ابن هذين الشخصين ولو انفصلا، يجب المحافظة على صورة الام الجميلة وصورة الأب المثالي وألا تخدش صورة والديه أمامه. لأن بعد الطلاق كما ذكرت سترافقه فكرة الضياع ويسأل نفسه نحن “لمن” نحن “ماذا” فكرة المرجعية ستراوده طوال هذه الفترة ومن ضروري جداً أن يعرف أنه ليس هو المسبب يجب أن يفرّغ شعوره بالذنب لأن هذا الاحساس سيخربط حياته وعلاقاته فيما بعد. وأنا أعتقد اذا كان التحضير لفكرة الطلاق سليماً ستمر الامور على “خير وسلامة”.”

A3516J Young couple having a row disagreement argument

هل من نتائج ايجابية للطلاق؟
اذا كان هناك تحضير سليم ومواكبة للعائلة على تخطي المشاكل ما قبل الطلاق وتأمين المساعدة النفسية للولد والراحة والاستقرار في مكانٍ وبقي على علاقة ايجابية مع الاثنين يشعر أن لديه مرجعية ولم تشوّه صورة الرجل والمرأة، نعتبر أننا وصلنا الى نتيجة ايجابية في هذه الفترة، لأن لو بقي هذان الشريكان تحت سقفٍ واحد كانت ستتشوّه هذه الصورة. لأن الطلاق أتى ليرفع الظلم عن أحد الطرفين ويكون حلاً في هذه الحال يكون الطلاق ايجابياً.”

كيف يعوّض النقص العاطفي؟
الرجال لا يعترفون بالنقص، لكن ضمناً لديهم نقص ويعوّض بتعدد العلاقات أو الادمان على العمل كتعويض عاطفي أو حتى ربما ادمانات أخرى، أي شيء بديل يساعد الرجل على تمرير الوقت وتخطي الشعور بالذنب( اذا كان يشعر ضمناً بالذنب) ويحاول نسيان هذه المرأة التي حتى ولو لم تعد المرأة المحبوبة لكن يكفي أنه عاش حياةً مأساوية معها لذا هو بحاجة لكي ينساها. أما بالنسبة للمرأة وبعد فترة الاحباط والشعور بالوحدة، ستعوّض بالاولاد حيث تتمسك بهم وهنا يصبح الصراع مريراً فنجد في المحاكم الروحية دعاوى الطلاق انتهت لكن دعاوى الحضانة تبقى قائمة، كما تعمل على البحث على علاقة عاطفية جديدة أو العمل على تحقيق طموحاتها. وفيما يتعلق بالاولاد هناك أولاد لا يستطيعون التعويض طوال سنوات عمرهم لأنهم لا يجدون الشخص الذي يسد الفراغ الذي يكون قد تركه الشخص الغائب. لا يوجد أم تستطيع أن تلعب دور الأب ولا من أب يستطيع لعب دور الأم هنا يبدأ البحث عن أحد قريب للتعويض عن صورة الغائب. وفي حالة التفريط “بالدلع” وهذا من أسوأ الحالات لأن الولد يبدأ باستغلال هذا الشعور فيصبح بالتالي شخصاً لا قدرة لديه على تحمّل المسؤولية. وهذا فشل في التربية.”

????????????????????????????????????????????????????????????

نصيحتك للثنائي قبل اللجوء الى الطلاق؟ وبعده؟
قبل الطلاق أقول لا يوجد مشكلة من دون حل، الرجاء الخروج من عقدة عدم الذهاب الى معالجٍ نفسي اذا كان لديكما الحد الأدنى من الرغبة في البقاء سوياً ولا تتخليا عن بعضكما بسهولة، فمهما كانت المشكلة يجب أن تتوجها الى الشخص المناسب قبل أن تتراكم الأمور. ليس عيباً أبداً اذا أنقذتما عائلتكما، احياناً يكون من السهل إنقاذ الزواج، كل شيء يجوز لانقاذ العائلة، لكن للأسف لا تأتي الينا الا الحالات التي تكون قد أصبحت في المحاكم الروحية. وفي حال وقع الطلاق يجب ألا تهمّش صورة الآخر أمام الأولاد .”

ما هي المشاكل التي استطاع العلاج النفسي أن يحلها؟
لا أحد يأتي الى المعالج النفسي ولا تحّل مشكلته اذا كان هو يريد الحل، واذا كان هناك مرض نفسي خطير يتوجه الى طبيب نفسي عقاقيري الذي بدوره وجد حلاً للمرض النفسي، لا شيء مستحيل.”

ما هي نظرتك المستقبلية لواقع هذه العائلات؟
هناك دراسات تعمل لتوعية الأهل، الكل معني لانقاذ العائلة، المجتمع رجال الدين، وسائل الاعلام الدولة يجب أن تساعد العائلة لاكمال مشوارها لأن هناك حالات يتم فيها الطلاق لأسبابٍ مادية. في البلاد الأوروبية تقدم البلديات استشارة نفسية مجاناً للعائلات لكي لا تتراكم المشاكل وتؤدي الى انفجار، لقد تنبهت هذه الدول الى ناقوس الخطر فبدأت تضع كل الخدمات تحت تصرف العائلات لكي لا تفشل. يجب طلب المساعدة قبل فوات الآوان.”

نلاحظ تخوف الكثيرين من الاقدام على الزواج أو حتى فكرة الزواج بدأت تخيفهم، ماذا تقولين لهم؟
” صحيح وهذا يشمل جزءًا كبيراً من شباب لبنان حالياً، هنا يجب العودة الى طفولتهم وما هي الفكرة التي كوّنت أساساً لديهم عن العائلة، هل كانوا يعيشون في بيت سعيد؟ ما هي الفكرة الأساسية عن بيته الأول. اذا في حالة الفوبيا من الزواج من الارتباط، نسأل أي صورة أخذها من بيت أهله وأيضاً نتوجه الى وسائل الاعلام التي لا تركز الا على الأمور السلبية التي لا نعرض على الشاشات الا الفضائح والشتائم، علماً أن هناك عائلات كثيرة سعيدة ودورنا أن نركز على الأمور الايجابية، المتردد نساعده على تخطي تردده. وفي الختام أقول من أحد أسباب انتشار الطلاق هو أنه أصبح مصدر رزق للبعض للأسف.

ولد الكون وولد وترعرع معه الصراع بين الخير والشر، لكن على الرغم من استفحال الضغينة والفساد وكل أنواع الشرور في مجتمعنا، لا بد أن الانتصار الكبير سيكون للخير في النهاية، لذا يا أيها الأباء والأمهات والأبناء افتحوا قلوبكم وأنيروا عقولكم قبل الاقدام على أي خطوة تقرر مصير حياتكم .
تحقيق: سميرة اوشانا
( مجلة المروج)

اقرأ الآن