YOUTUBE
Twitter
Facebook

 

في الوقت الذي تشهد فيه السينما اللبنانية تطوراً ملحوظاً أوصلها الى العالمية مع فيلم ” قضية رقم 23″ للمخرج زياد الدويري وحديثاً مع فيلم “كفرناحوم” لمخرجة فيلم “هلا لوين” نادين لبكي. شهدت الدراما اللبنانية أسوأ مرحلة في مسيرتها الدرامية منذ نحو 20 عام. بعد أن تقدمت بأشواطٍ على الدراما العربية وباتت المنافس الشرس لها.

 

ان انشغال المخرجين اللبنانيين الأكفاء بأعمالهم الرمضانية و الوضع الاقتصادي الهش الذي أثرّ سلباً على الانتاجات المحلية،  جعلتا الشاشات اللبنانية ترضخ للأمر الواقع و توضع خطة اقتصادية صارمة لم تكن صائبة على ما يبدو من خلال النتيجة الحاصلة خلال عامٍ ونصف.

 

تحت شعار “تشجيع المواهب الشابة” وجدت الشاشات التلفزيونية نفسها ربما مرغمة لملء فراغات الهواء في ظل غياب برامج ترفيهية راقية، تعرض أعمالاً لكتّابٍ في تجربتهم الاولى التي كانت بمثابة ليس فقط اقتباس الذي لا يعتبر فنياً عيباً، انما كان “كزا” لسلسلة درامية غير مقنعة لا تشبه المجتمع اللبناني.

إلا، أنه لم يكن هذا العيب  هو الوحيد في هذه الاعمال، انما ركاكة السيناريو وتكرار الحوارات غير الفائدة هي التي أردت هذه الاعمال أرضاً.

 

تكمن أهمية السيناريو في العمل الدرامي أنه العمود الفقري والهيكل الاساسي و العنصر المؤثر لنجاح الاعمال الدرامية، لذلك، لا يجب الاستلشاء أو الاستهتار بهذا الفن الكتابي، لأنه المادة التي على أساسها يبني المخرج رؤيته الفنية، فكيف سيبدو العمل اذا كان في الحالتين هزيلاً؟

 

كتّاب ومخرجو هذه الحقبة التي مرت يلزمهم “فت خبز” والتدريب لدى محترفي الكتابة والاخراج لا يقل عن 10 سنوات بأقل تعديل باتت هذه  الحاجة ملحة لانقاذ الدراما اللبنانية من الاستمرار في الهبوط غير الاضطراري…

فنانون حملوا العمل على أكتافهم

لكن، على الرغم من كل ذلك،  إلا أن وجوهاً فنية “شرقطت” في ادوارها، ممثلون  حملوا ثقل العمل على “أكتافهم” وتحمّلوا مسؤولية نجاح المسلسل وعبئه،  فكانوا السبب الرئيسي لمتابعة المشاهدين المستمرة للعمل. وأذكر على سبيل المثال الفنان القدير فادي ابراهيم في مسلسل “كل الحب كل الغرام”. صحيح أن  القصة جميلة وقد اعتاد اللبنانيون على متابعة هذا النوع من القصص حتى ولو أنهم ملوا من هذا النمط الا أنه يشهد متابعة كبيرة من قبل المشاهدين، الممثل فادي ابراهيم الذي غيابه ترك فراغاً لم تستطع  لا حادثة غياب وعودة نسرين أن تملأ الفراغ الذي تركه فادي ابراهيم ولا صراع النسوة على ربيع “باسم مغنية”.  فادي ابراهيم أبدع في اقتباس هذه الشخصية التي هي بعيدة كل البعد عن شخصيته، فكان بطلاً مطلقاً لقصة مروان ابو العبد بقساوته وعاطفته لعب دور الرجل الخارج من الصخر بكل ما تحمل هذه الشخصية من تفاصيل، فكان مؤثراً بكل مواقفه الطاغية الصلبة حيناً والعاطفية احياناً، من  ناحيتها الممثلة هيام ابو شديد بعفويتها استطاعت أن تدخل قلوب المشاهدين لتصبح مشاهدها منتظرة ومحببة.

 

أما مسلسل “الحب الحقيقي” الذي لعبت بطولته باميلا الكيك وجوليان فرحات، الى جانب مشاركة الممثلين القديرين أسعد رشدان ونهلا داوود ونيكولا معوض وعلى الرغم من قصة العمل غير المنطقية بأحداثها، الا أن هذا العمل  ساهم في ابراز قدرة  الممثل الياس الزايك التمثيلية فكان أداؤه لافتاً، كما تميّز المسلسل بمشاهد طبيعية رائعة كانت بمثابة “تابلوهات” قد تساهم في تنشيط الحركة السياحية لا سيما نحن مقبلون على فصل الصيف، لكن مشكلته الاساسية  كانت في ركاكة السيناريو وهشاشة القصة البعيدة عن المنطق بكل تفاصيلها. الا أننا لا نستطيع أن ننفي أهمية دور الشاشة التي في جعبتها نسبة مشاهدين عالية،   وهذا ما ساهم في رفع عدد المتابعين له، ( أتمنى أن يكون الجزء الثاني قد لاحظ أخطاء الجزء الاول ليلغيها من الجزء الثاني)،  شخصياً أحترم ايمان منتجة هذا العمل بالدراما اللبنانية مي ابي رعد التي تسعى لتقديم الافضل على الرغم من الاوضاع الاقتصادية المزرية، فهذه بحد ذاتها مجازفة وفعل ايمان بالأعمال الدرامية.

 

اما مسلسل “صمت الحب” الذي هو لبناني 100% بدوره عانى من البطء في التنفيذ، حتى ولو عمل فيه أسماء لامعين مثل عمار شلق الذي يتميّز بكاريزما فريدة من نوعها وجهاد الاندري الذي لدي أنا شخصياً ضعف تجاه آدئه الرائع، فهو قيمة مضافة في أي عملٍ ووجوده يصقّل العمل ويرفع من شأنه لا سيما في الدور الذي لعبه، كذلك جورج حرّان وعمر ميقاتي من من المشاهد لم يصدّق أنهما فعلاً الاب والجد الحقيقيين. الا ان العمل لبناني بامتياز ألقى الضوء على مشاكل حياتية موجودة داخل البيوت الفخمة.

 

ميرفا قاضي هل هي تؤام كيت بلانشيت؟

 

بالانتقال الى مسلسل “50 الف” اللايت في كل شيء وخاصةً في السيناريو، ساهم في إظهار الممثل عماد فغالي لأول مرة بدور جريء كوميدي ما أعطى نكهةً للعمل الى جانب الممثلة “الدينامو” ميرنا مكرزل،  فكانا عصبيّ العمل والحجة التي دفعت المشاهد لمتابعة هذا المسلسل الكوميدي.  هنا لا بد من تنويه برؤية المخرج دافيد اوريان الذي عمل على إبعاد فغالي عن ادواره السابقة واخراجه من جلده وإلباسه ثوباً ليس ثوبه، كذلك الممثل حسام الصبّاح المتأثر دائماً بشخصية الكبير أنطوان ملتقى، لدرجة التصديق أنه النسخة الثانية لملتقى، لحضوره ثقل فريد في أي عمل.

 

أما ميرفا قاضي شبيهة الممثلة العالمية كيت بلانشيت لدرجة التوأمة، فعلى الرغم من مواصفات الجمال التي تتحلى بها هذه الفنانة الآتية من عالم الاعلانات والغناء، برهنت أنها ليست مجرد إمرأة جميلة وعارضة أزياء بل هي تحمل مواصفات ممثلة لم لأ قد تصلها الى العالمية. أليست شبيهة ممثلة عالمية بلانشيت شكلاً؟

 

أما  مسلسل “البيت الابيض” المستوحى من دون اي شك بمسلسل “دالاس” كي لا اقول المنقول عنه والذي لا يزال يعرض على شاشة الجديد،  فعلى الرغم من نجاح ثنائية ميشال حوراني وجويل داغر، الا أن الناس ملّت من مشاهدة أعمال محصورة بالفيللات والقصور والشركات في حين المواطن اللبناني يرزح تحت نير العوز والبطالة. وهذه الطبقة من المجتمع الثري الذي يظهرها أنها تعاني من انفصام نفسي ومشاكل متنوعة بعيدة عن الاخلاقيات اللبنانية والتربية الذكية، بدت وكأنها في مكان والمشاهد في مكانٍ آخر. وعلى الرغم من حاجته لقوة إقناع المشاهد بالمتابعة لا سيما في هزالة التنفيذ خصوصاً مشهد اقتحام البيت من قبل زوجٍ غيور (طوني نصير) ومرافقه البيت الابيض، الا أنه القى الضوء على الوجه الجديد ريم خوري التي لعبت جيداً دورها، كما أتقنت كاتيا كعدي تجسيد شخصية المرأة الثرية والجميلة لكن مدمنة و منسية ومهملة من قبل زوجها.

 

حالياً نتابع مسلسل “سكت الورق” الذي  هو من كتابة مروان نجار واخراج نديم مهنا وبطولة داليدا خليل و خالد القيش  و تقلا شمعون و أسعد رشدان و جوزف ساسين وجهاد الاندري ونهلا داوود و جمال حمدان وعدد من الممثلين. تدور أحداثه حول لين التي تكتشف سراً عن والديها اللذين توفيا في ضيعة “عيون التل” قبل وفاة جدتها ياسمين (تقلا شمعون). فتقرر العودة الى ضيعتها لتكشف لغز السارق الذي يدخل المنازل ولا يسرق الا ما يؤكل تاركاً أثراً خلفه.

يتمتع هذا العمل بمشاهد تصويرية مميزة وقصة مشوقة.  لن نعلق أكثر حتى ينتهي العمل.

 

صحيح أن الشاشات بعرضها هذه الاعمال تدعم  الدراما اللبنانية، لكن هل شركات الانتاج تعمل على رفع مستوى الدراما اللبنانية؟ ام أنها لا تكترث الا بالتوفير و

الادخار على حساب المستوى المطلوب؟

 

 

 

 

 

سميرة اوشانا

 

اقرأ الآن