YOUTUBE
Twitter
Facebook

IMG_4358

يعود تاريخ الوشم او “التاتو” الى عصر الفراعنة حيث استخدم لأغراضٍ تجميلية.
لدى اليهود يرمز الى خلاصهم من العبودية في مصر. أما في عهد الرومان فارتبط الوشم بالملكية حيث استخدم كوسيلة لتحقير المجرمين. لكن البحار والمستكشف البريطاني جيمس كوك الذي هو أول من أدخل الوشم الى اوروبا، عام 1771، لإبهار الطبقات الارستقراطية به فجعلته حكراً على الأثرياء، النبلاء والفرسان.

استخدمته النساء العربيات البدويات كوسيلة للزينة أو الانتماء للقبيلة أو لإخفاء عيب أو تشوه.

أما في يومنا هذا فقد ظهرت صرعات غريبة خاصةً لدى المراهقين فجعلوا منه رمزاً لانتماء الى طائفةٍ دينية أو سياسية معينة أو عصابة مافيا أو تعويذة سحر.

بدورها احتلت الأقراط التي توضع في الأنف ومواضع أخرى من الجسم مرتبةً مهمة في أولويات الشباب، وذلك لهدف إلفات النظر الى الشخصية التي تخفي أموراً دفينة في داخلها ولا تستطيع التعبير عنها إلا من خلال الخروج عن المألوف والانتفاضة على تقاليد المجتمع.

يقول السيد جهاد ناصيف، الوشّام الذي يحترف مهنته من خلال رسماتٍ يعجز عن تجسيدها مطلق رسام، أنه يحب مهنته ويسعى لتصحيح الخطأ الشائع في المجتمع من تشويه سمعة هذا الفن الآتٍ من الشارع، “ street art” :” الهدف الأول من التاتو هو لاخفاء جرحٍ أو أي تشوه معين بمعنى الهدف منه تجميلي، إلا أن هناك أشخاصاً يريدون اطلاق نزعة ما دينية كانت أو سياسية، أو حتى الاباحية منها sex appeal . من الرواد، من يأتي لتجسيد صورة يسوع المسيح أو القديس شربل أو رسم الصليب، تيمناً بدينهم المسيحي، وآخرون يطلبون رسم السيف أو القمر لاظهار دينهم الاسلامي أو كتابة بعض الآيات القرآنية، كما يسعى البعض الآخر الى رسم صورة الثائر الشيوعي تشي غيفارا، الى رسمات أخرى مختلفة.”

وعن أعمار الواشمين يقول:” لا أرسم لمن هم دون 18 سنة، لأن الأمر ليس لعبة، وخطورته تكمن في النقش لأنه لا يزول ويلازم صاحبه مدى العمر، لذا، على من يريد رسمة معينة أن يفكر جيداً ويعرف تماماً من يقصد لأن الخطأ قد يتم تصحيحه برسمةٍ أخرى لكنه لا يمحى. أما بالنسبة لأعمار القاصدين فتتراوح ما بين ال 20 و 70 سنة .”

 

ولادة جديدة

 ما هو الانطباع الذي تتركه الرسمة بعد خروج الواشمين من عندك؟
يجيب مبتسماً: ” يخرجون فرحين، سعداء لأنهم يشعرون أنهم ولدوا من جديد، يكسرون الروتين الذي كانوا يعيشون فيه، غالبيتهم هم الذين يحبون الحياة ويريدون أن يفرحوا لأن الحياة قصيرة ويريدون أن يفعلوا كل شيء، والاقبال على الوشم الى تزايد، خاصةً في السنوات الأربعة الأخيرة.”

رداً عن السؤال حول الرسمات الأكثر طلباً يقول:” سئمت الناس من الحرف الصيني والتريبل، لكن ما أود قوله أن كل شخصٍ يأتي الي وبعد أن أكون قد رسمت له الصورة التي يكون قد اختارها أمزقها فوراً، ما يعني لكل شخص رسمة خاصة به فتكون piece unique.”

ويختم ليوجه نصيحة الى الواشم:” هذه النصيحة غالية جداً، عليه أن يأخذ كامل وقته ليختار الصورة التي ستلازمه مدى الحياة وتصبح جزءًا منه، كما عليه أن يعرف جيداً الى من يتوجه، بمعنى يجب أن يثق بالوشّام الذي يقصده.”

????????????????????????????????????

لقاءات سريعة مع الواشمين شباناً وشابات، ماذا يقولون؟

رالف 16 سنة:” عملت تاتو لأن كل رفقاتي عاملين تاتو، هيك بيّن قبضاي.”

جاك 49 سنة:” الفتاة من دون أي رسمة، لا تلفت الأنظار لذا لا أحد يقترب منها في فصل الصيف.”

سندي 33 سنة :” أحببت أن أعمل وردة صغيرة، لم تعد تعجبني لكنني لست نادمة، تعودت عليها وكأنها أصبحت جزءًا من جسمي.”

طارق 41 سنة:” عندما عملت تاتو شعرت انني صغرت 10 سنين.”

جوني 38 سنة:” أنا عملت صليب صغير على كتفي كي يلازمني دائماً وأشعر أنه يحميني من أي مكروه.”

تانيا 28 سنة:” كنت أعاني من اثر جروحات على بطني، وهذا الأمر كان يزعجني جداً، لذا لجأت الى الوشم لاخفاء هذا العيب، فارتاحت نفسيتي.”

غادة 24 سنة:” كل صديقاتي عاملين تاتو شعرت أنني أنا الغريبة بينهن، لذا أحببت أن يرسم على كتفي فأعطت لوكاً جذاباً في السهرة وعلى البحر.”

نسرين 33 عاماً: “أنظر الى هذا الأمر نظرة فنية لذا خطر على بالي أن أضع رسمة جميلة وسيكسي، هذا منذ 3 سنوات، لا اعتبرها شيئاً مضافاً انما أشعر أنها ولدت معي، لكن اذا كان بالامكان تغييرها أغيّر لاعطائها لمسة حنة عربية.”

وائل 35 سنة:” كثيرون يسألونني لماذا الوشم على رقبتي، الوشم عادة يكون في مكانٍ ظاهر، وأنا لست من رواد البحر ولا أرتدي الشورت، لذا اخترتها كي تكون على رقبتي، لا تزعجني لا بل حتى أنني نسيت وجودها، عندما يسألونني عنها أتذكرها، اذا أردت المزيد تستطيعين القول اني جهلت ع كبر.”

IMG_0277

لنتعرف على رأي الكنيسة سألنا الاكليريكي شفيق داوود الذي أجاب عن أسئلتنا بكل محبة:

يرمز الوشم لدى اليهود الى خلاصهم من العبودية في مصر، ولدى الرومان الى الملكية، هل من رمزية معينة لدى الديانة المسيحية؟
“في الواقع قد يرمز الوشم لدى هذه الديانات الى الكثير اما بالنسبة للمسيحيين فلا يحمل الوشم اي رمزية خاصة بالمسيحية.”

نجد حالياً صراعات غريبة خاصة لدى المراهقين حيث جعلوا من الوشم رمزاً لانتماء الى طائفة دينية معينة، أو سياسية أو عصابة مافية أو تعويذة. كيف تنظر الكنيسة الى هذه الظاهرة؟
“بالنسبة الى الكنيسة فان لجسد الانسان قيمة مهمة جداً، اذ ان لله نفسه شاء فاتخذ جسداً بشرياً ورفعه من الموت المحتّم الى الحياة، أعاد له كرامته الاولى التي خلق بها آدم، وعليه فان الكنيسة المقدسة تنظر بغاية الاحترام والاجلال لهذا الجسد فلا يمكنها ان تعتبره لوحة اعلانات نعلّق عليها الصور التي تحلو لنا وبشكل نهائي لا رجوع عنه.”

ما هو رأي رجال الدين المسيحيين الى هؤلاء الذين يوشمون أجسامهم بصور القديسين ولا سيما مار شربل، أو صورة المسيح أو رسم الصليب، إما على صدورهم أو كتفهم؟ ( مع الاشارة الى أنه أحياناً الوشم يشوّه الصورة، اذا لم يكن الوشّام بارعاً.)
“بغضّ النظر الى ما هو الرسم الذي يحمله الوشم فان نظرة الكنيسة للموضوع تبقى هي هي، ولا يمكنها اعطاء اهمية للوشم اذا كان صورةً مقدسة ام لا، لأن الكنيسة تولي الاهمية لأحترام هذا الجسد فوق كل شيء.”

IMG_0265

ما هي كلمتك لهؤلاء الواشمين، أو الشبان الذين يريدون أن يبرهنوا عن تعصبهم الديني من خلال الوشم؟ هل تعتبرونه تعبييراً عن حرية الرأي أو أن على الكنيسة منع هذه الظاهرة؟ وتعتبرونه خارجاً عن المألوف؟
“ان التعصّب الديني ليس بحد ذاته بالامر البنّاء ولا يلازم الحياة الروحية، لأن التعصّب هو نقيض الانفتاح، غير ان السيد المسيح دعانا الى الانفتاح والمحبّة، فكم بالحري اذا كان هذا التعصب غير مصحوب بالممارسة التي معناها الاساسي هو محبة من احبّنا بلا حدود، فان الله احب العالم وبذل نفسه لأجلنا، فالمقابل يكون بالتوبة والرجوع اليه وليس بالوشم مهما كان رمزه، فلقاء الحبيب انما هو العلاقة معه وليس فقط النظر الى صورته. كما ان الكنيسة ترى في التعبير عن الرأي اسمى درجات عيش الحياة المسيحية لأن الله دعانا منذ البدء الى الحرية، على ان نميّز الحرية عن الفلتان فان لم تتلازم الحرية المسؤولية اصبحت فلتاناً، وخروجاً عن الطريق، فالحرية اذن ليست بمفهومها الحقيقي ان نفعل كل ما نريد، انما ان نستطيع ان نقول “لا” احياناً لما نريده حقاً فنكون بذلك اسياداً على اجسادنا و ليس العكس.”

كيف تصف نفسية الواشم؟ هل هو بحاجة لتربية دينية – اجتماعية صحيحة؟
“لا تحكم الكنيسة على الناس ولا تصنّف الواشم على انه خاطئ ام لا، لكن اقلّه اقول للواشم و لمن يطلب وشم صورةً للسيد المسيح او اي شئ آخر انه ليست هي الطريقة الصحيحة للتعبير عن الايمان و محبة الله، بل بلقائه في القربان المقدس والاسرار كافة.”

نصيحتك للشبان المهوسيين بهذه الظاهرة؟
“نصيحتي هي: احبّوا الرب الذي احبكم حباً لا حدود له من خلال المحافظة على اجسادكم نقية ومسكناً له في الدرجة الاولى، ثم في ممارسة الاسرار وخاصةً الذبيحة الالهية و التوبة، فيكون اجركم في السماوات كبيراً.”

_MG_1976 (2)

اما على الصعيد الصحي فتقول الدكتورة تاتيانا رملي الاخصائية في الأمراض الجلدية:” من المؤكد أن الوشم يؤدي الى الحساسية وأحيانا تظهر “الايرباس” إلا أنه يتم معالجتهما، بالاضافة الى ذلك، هناك أجسام ترفض “التاتو” لا تتقبله، فتكون reaction ردة الفعل أحياناً جسيمة وذلك في حالاتٍ نادرة، لا ننسى أنه هناك مادة غريبة تدخل الجسم، أما فيما يتعلق بالصدفية قد يكون هناك امكانية الاصابة بها اذا كان الشخص لديه الاستعداد لذلك.” لكنها نفت نفياً قاطعاً أن يسبب الوشم بالأمراض السرطانية، إذ قالت: “حتى اليوم لم أسمع بأن الوشم هو احد اسباب السرطان الجلدي.”

IMG_9596

أما رأي بعض علماء الاجتماع الذين ينظرون الى هذه الظاهرة نظرة تشاؤمية فيقول:” أن الوشم أصبح ظاهرة خطيرة انتشرت بين الشباب في محاولةٍ للتقليد الأعمى للمشاهير سواء كانوا من المطربين أم الممثلين. وكما يعود سبب لجوء الشباب الى الوشم الى أسباب عدة من بينها الفراغ القاتل وعدم احساسهم بالثقة والأمان من حولهم، بالاضافة الى عدم شعورهم بقيمة الحياة.”

في النهاية أقول أن الانسان ولد حراً في خياراته وأعماله، لكن عليه أن يعرف تماماً ماذا يريد من أي خطوةٍ يريد القيام بها. هل الوشم بالنسبة له، موضة ويريد اتباعها، أم رغبة بالتغيير أم تحدٍ للتقاليد الاجتماعية…
لكل شخص هدف والنتيجة واحدة، الواشمون الى ازدياد أما أصحاب هذه المهنة فأصبحوا بفتشون عن جديد لتطويرها والتميّز عن غيرهم.

IMG_0019

سميرة اوشانا

(المروج)

اقرأ الآن