YOUTUBE
Twitter
Facebook

7e23ff8a-69c4-418b-92ac-10dcf7f57228

“لا أريد ان يقتلني السرطان” ردد المتظاهرون في وقت سابق من هذا الشهر في بلدة حوش الرافقة البقاعية حين وصل التلوّث في نهر

الليطاني إلى مستويات كارثية في الأشهر الأخيرة، ما تسبب مخاوف كبيرة حول تأثيرها على صحة السكان المحليين.

كان نهر الليطاني يشكل أحد أهم الموارد الطبيعية في لبنان، لكنه تحول إلى كارثة بيئية. في ستينيات القرن الماضي، كان بوسع الناس السباحة بأمان في النهر واستخدام مياهه لري الخضروات. اليوم، وصفت الدراسات المياه بأنها “مياه صرف صحي”. من الواضح أننا لم نعد نستطيع تجاهل هذه الأزمة.

مؤخراً، ألقي باللوم فيما يخص تلوث النهر على وجود مستوطنات غير رسمية للاجئين السوريين في مناطق على طول نهر الليطاني. في حين أن هذا يشكّل عاملاً محتملاً من العوامل إلا أن تلوث النهر ليس بحديث. إنها مشكلة قديمة نشأت منذ عقود وذلك نتيجة للممارسات الرديئة، بما في ذلك أنظمة معالجة مياه الصرف غير الفعالة، والإدارة الخاطئة، والتطبيق الخجول للقوانين القائمة، وكذلك السلوك المتبّع من المصانع والقائمين عليها.العديد من المصانع تضخ نفاياتها الصناعية غير المعالجة على طول ضفاف النهر، كما أنه يُستخدم للتخلّص من النفايات ومياه الصرف الصحي.

في وقت سابق من هذا الشهر، أغلقت وزارة الصناعة 79 مصنعاً، غير حاصلة على ترخيص، وكانت تنتهك القانون وتلوث نهر الليطاني. هذا يدل على حق اللجوء إلى الطرق القانونية عند خرق القوانين البيئية، وأنه يمكننا ردع الجهات الفاعلة من تلويث لبنان.

في مساع لإعادة إحياء النهر، تم دعم سلطات نهر الليطاني ووزارات البيئة والصناعة والطاقة، بقرض قيمته 55 مليون دولار من البنك الدولي ومانحين آخرين بهدف تحسين شبكة مياه الصرف الصحي البلدية، وإدارة النفايات الصلبة، إزالة التلوث الناتج عن المخلفات الصناعية ورصد نوعية المياه على طول النهر.

من جانبها، تقوم الأمم المتحدة أيضاً بتنفيذ مشاريع للمساعدة في حل هذا الوضع الكارثي. ويشمل ذلك تحسين مرافق مياه الصرف الصحي في المستوطنات غير الرسمية، ووقف تصريف مياه الصرف الصحي مباشرة في نهر الليطاني: أظهرت التقييمات الأخيرة أن ما يقارب الـ93.5 بالمئة من المستوطنات غير الرسمية تلتزم بالمبادئ التوجيهية لإدارة مياه الصرف، ولايزال العمل جارٍ لضمان الامتثال الكامل. بالإضافة إلى ذلك، نقوم بتفريغ النفايات المجمّعة من المستوطنات غير الرسمية في محطات المعالجة المعتمدة، مثال على ذلك بلدة جب جنين في البقاع. كما دعمت الأمم المتحدة إعادة تأهيل مرافق الصرف الصحي القائمة، كما حصل في عيتنيت، حيث تم تحسين جمع ومعالجة مياه الصرف الصحي في قرى حوض نهر الليطاني. أخيراً، ولمعالجة السلوكيات، تهدف برامجنا إلى زيادة التوعية في المجتمعات المحلية وجمع القمامة المتراكمة على ضفاف النهر.

إن إنقاذ نهر الليطاني هو موضوع رئيسي يتطلب إشراك الجميع في لبنان، من الأفراد إلى المصانع، ومن البلديات إلى الوزارات. دعماً لذلك، تقف الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للعمل مع جميع المنظمات المهتمة بمعالجة هذه القضايا البيئية العاجلة التي تؤثر على المجتمع اللبناني واللاجئين على حد سواء.

لم نتجاوز مرحلة الخطر بعد. العديد من الممارسات غير الملائمة مستمرة. يجب تحسين الإدارة، والسلوكيات يجب أن تتغير، ويجب تفعيل قوانين مكافحة التلوث، والأهم من ذلك، يجب معاقبة الملوثين. احدى الخطوات على الطريق الصحيح تصب في خانة التشريع لتعزيز دور وقدرة الشرطة البيئية والمدعين العامين البيئيين.

يتخبّط نهر الليطاني في خضم كارثة بيئية، ولكن لا يزال بإمكاننا إنقاذه إذا وحدنا مجهودنا الآن. في لبنان الذي نريده، يجب أن تكون الأنهر مصدراً للحياة، وليس للمرض.

 

اقرأ الآن