عقدت كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع مركز القيادة الإنسانية، ومركز هوبكنز للصحة الإنسانية، ومركز جنيف للدراسات الإنسانية، ندوة فائقة الأهمية عبر الإنترنت في السادس من تشرين الثاني الجاري لمناقشة الأزمة الصحية والإنسانية في لبنان.
وكان من بين المتحدثين الرئيسيين في الندوة وزير الصحة العامة الدكتور فراس أبيض، ووزير البيئة مُنسّق لجنة الطوارئ الحكوميّة الدكتور ناصر ياسين، وعضوة المجلس التنفيذي والإداري في مؤسسة عامل الدولية والمحاضِرة في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتورة زينة مهنا،الطبيب في دائرة الأمراض النسائية والتوليد ومدير برنامج ويش في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، العضو في مجموعة خبراء السياسات الخارجية في منظمة الصحة العالمية، والمحاضر في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فيصل القاق.
سلّطت الندوة الضوء على التأثير الشديد للأزمة الحالية على نظام العناية الصحية في لبنان، وبشكل خاص التأثير على النساء والأطفال. وتضمّنت أهداف الندوة عرض الوضع الإنساني، وتحليل تحديات الاستجابة لحالات الطوارئ، وتعزيز التعاون من أجل الاستجابة الفعالة والتعافي.
حضر الندوة عبر الإنترنت مئة وخمسة وخمسون عضواً، وأدارها الدكتور فادي الجردلي، الأستاذ في كلية العلوم الصحية ومدير مركز ترشيد السياسات، مع ملاحظات تمهيدية للدكتورة عبلة محيو السباعي، عميدة
كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت.
تناولت الندوة الأزمة الحالية في لبنان، والتي تتسبب بدمار هائل وبتشريد وبخسائر في الأرواح. كما دفعت الأزمة نظام العناية الصحية إلى حافة الهاوية، ما أثّر بشكل فادح على النساء والأطفال. وقدم الدكتور فادي الجردلي أدلة رئيسية من سجلات الأزمات في مركز ترشيد السياسات مؤكدا على النطاق غير المسبوق للأزمات الإنسانية: أكثر من مليون نازح، وأكثر من ثلاثة آلاف قتيل، وأكثر من ثلاثة عشر ألف جريح.
كما تعرضت القطاعات الحيوية – العناية الصحية والإسكان وإمدادات المياه – لأضرار جسيمة، حيث تم إغلاق ما لا يقل عن ستة وتسعين مركز للعناية الصحية الأولية وأربعين مستشفى أو هي بالكاد بقيت تعمل. وشدّد الدكتور الجردلي على مسؤولية لبنان الجماعية في تعبئة الموارد وسد الفجوات في مجالات المأوى والعناية الصحية والحماية، قائلاً: لا ينبغي نسيان أحد بلا عناية.
ودعا الدكتور أبيض إلى توفير الحماية الدولية لمرافق العناية الصحية والعاملين فيها. وشدّد على الحاجة إلى زيادة الموارد وتحسين التنسيق والاستخدام الفعال لتعزيز الاستجابة الطبية وتوسيع نطاقها. كما سلط الضوء على أهمية تعزيز القطاعات والمؤسسات العامة التي ستكون حاسمة للغاية لجهود الاستجابة والتعافي في المستقبل.
وعرضت الدكتورة مهنا جهود المنظمات غير الحكومية وأعطت مثالاً على ذلك جهود مؤسسة عامل الدولية. ووصفت وحدة الاستجابة للقطاعات المتعددة ووحدة الاستجابة للسكانيات المتعددة، التي توفر مجموعة شاملة من الخدمات، بما في ذلك الصحة والتعليم وحماية الطفل والمساعدة الأساسية والغذاء. وأثنى الدكتور القاق على الدعم المقدم للناجيات من العنف القائم على الجندر، مشيرا إلى تخصيص وزارة الصحة العامة ست عيادات وسبعة مستشفيات لعناية المتابعة. كما سلط الضوء على مبادرة “أهلي” التي أطلقتها كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت من أجل دعم النساء
وحذر الدكتور ياسين من محدودية المساعدات مقارنة بالاحتياجات غير المسبوقة حيث أصبح ما يقرب من ربع سكان لبنان نازحين داخلياَ. وشدّد على أهمية التنسيق الفعال في توزيع هذه المساعدات وأبرز روابط الكترونية تفصل عملية توزيع المساعدات بطريقة شفافة. واختتم حديثه بحث الجميع على الدفع والضغط والدعوة لوقف هذه الحرب.
وفي الختام، شدد الدكتور الجردلي على أن الإجراءات الحالية – سواء كانت مبادرات صغيرة أو تدخلات واسعة النطاق – تضع الأساس لتعافي لبنان، مشيرا إلى أن “كل خطوة وشراكة وموارد يتم حشدها تقرّبنا من استعادة الصحة والأمل.” وأكّدت العميدة السباعي أن كل دورة من دورات العنف كانت اختبارا آخر لقدرة لبنان على الصمود وقدرتنا على التكيّف مع الصعوبات.
أما الاستنتاجات الرئيسية للندوة فتلخَّص بالحاجة الفورية لتيسير خدمات صحة الأم والطفل، ودعم الصحة العقلية، وتوفير الإمدادات الأساسية؛ والحاجة إلى تعزيز نظام العناية الصحية، وحماية المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، والدعوة إلى حل دبلوماسي كحلول طويلة المدى؛ وضرورة حث المجتمع الدولي على تقديم المساعدات الإنسانية، ودعم البنية التحتية للعناية الصحية، والدعوة إلى حل سلمي.